للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالْفِعْل أَولا فِي دم الْخِنْزِير وَإِذا كَانَت الْحَال لَيست وَاحِدَة بل شَبيهَة بِتِلْكَ لِأَنَّهُ وَإِن كَانَت قُوَّة دم الْخِنْزِير دون قُوَّة دم الْإِنْسَان لكنه قد يفعل شَبِيها بِفِعْلِهِ.

فَأَما دم الْحمام فقد اسْتَعْملهُ كثير من قدماء الْأَطِبَّاء عِنْد تشريحهم الرَّأْس إِذا انصدع شَيْء من عِظَامه بِأَن يصيروا فِي ذَلِك الصدع من دم هَذَا الْحمام فَإِن عدموه استعملوا بدله دم الورشان أَو دم الفاختة والشفانين أَيهَا كَانَ حَاضرا.

وَبَعض الْأَطِبَّاء كَانَ يقطر من دم الْحمام وَهُوَ حَار فِي الْعين الَّتِي أصابتها طرفَة فَاجْتمع فِيهَا الدَّم فيشفيها بذلك.

وَبَعْضهمْ كَانَ ينتف من الريش الَّذِي يكون أَصله مملوءاً دَمًا فيعصره فِي الْعين الَّتِي نالتها الطرفة أَو يشق أصل هَذَا الريش فَيَأْخُذ من ذَلِك الدَّم الَّذِي يخرج مِنْهُ حاراً ويقطره فِيهَا وَإِنَّمَا يفعل)

ذَلِك مَتى أردنَا الْإِبْقَاء على الْحمام.

وَمِنْهُم من يَأْخُذ من ريش فراخ الْحمام الرُّخْصَة الناعمة المملوءة دَمًا فيقطر مِنْهَا فِي الْعين.

وَأما أَنا فقد حضرت عدَّة مِمَّن شقّ رَأسه وقطر فِيهِ بدل هَذِه الدِّمَاء الْمَذْكُورَة دهن ورد سخن على نَحْو سخونة الدَّم فبرؤا وَقد تُوجد شيافات وأقرصة تَنْفَع من هَذَا الدَّم الْحَادِث فِي الْعين كَالَّتِي يَقع فِي تركيبها المر والكندر والزعفران وعصارة الحلبة فَإِذا كَانَت هَذَا الْأَشْيَاء مَوْجُودَة وَهِي أَنْفَع من دم الْحمام فَمَا الَّذِي يضطرنا إِلَى دم الْحمام أَو الفاختة أَو الورشان وَنحن نجد هَذِه الْأَشْيَاء بِأَهْوَن سعي.

وَكَذَلِكَ لَا نحتاج أَيْضا إِلَى دم الْحَيَوَان الْمُسَمّى غلوقس فِي الدَّاء الْمَعْرُوف بالربو أَو عسر النَّفس إِذْ كَانَ من الْأَطِبَّاء من يسْقِي العليل مِنْهُ وَمِنْهُم من يطْبخ لَحْمه فيطعمه الْمَرِيض ويحسيه مرقه وَمِنْهُم من يقطر على دَمه شَيْئا من المَاء ويسقيه العليل وَقد رَأَيْت طَبِيبا سقَاهُ عليلا بشراب وَسمعت آخر يمدحه وَأَنه شفي بِهِ امْرَأَة كَانَ بهَا ربو فَسَأَلته: أَي أَصْنَاف الربو كَانَ بِتِلْكَ الْمَرْأَة الَّتِي أبرأها دم هَذَا الْحَيَوَان بِزَعْمِهِ فَلم يجبني لِأَنَّهُ لم يعلم أَنْوَاع هَذَا الْمَرَض وَقد كنت علمت أَنه سقَاهُ لهَذِهِ الْمَرْأَة فَلم ينفعها وَمثل هَذَا الْخَطَأ لحق من أثبت فِي كتبه أَن دم الخفاش لَهُ مَنَافِع كَثِيرَة وَأَنه إِذا طلي على ثدي الْأَبْكَار حفظهَا على نهودها زَمنا طَويلا وَقد جربته فَوَجَدته بَاطِلا وَكَذَلِكَ وجدته فِي طلاء الإبطين وزعمهم أَنه يمْنَع من نَبَات الشّعْر فيهمَا وَفِي الْعَانَة إِذا طلي عَلَيْهَا وعَلى خصى الغلمان الَّذين لم يراهقوا.

وَأما دم الأرنب وَدم الْمعز وَدم الدَّجَاج فقد يغتذى بِهِ كثير من النَّاس.

وَمن الْأَطِبَّاء من سقِِي دم الْمعز مخلوطا بِعَسَل أَصْحَاب المَاء الْمَعْرُوف بالحبن وَمِنْهُم من شوي هَذَا الدَّم وسقاه لمن كَانَ بِهِ استطلاق وَاخْتِلَاف أَشْيَاء لزجة مخاطية الَّتِي تخالط الدَّم فانتفعوا بذلك وأظن أَن نفعهم بِهِ لغلظ الأرضية الَّتِي فِيهِ ويبسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>