للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقد رَأَيْت مستسقين ومطحولين يطلونه عَلَيْهِم فينتفعون بِهِ نفعا ألف ز عَظِيما. وَقد ينفع أَيْضا الأورام المترهلة الرخوة العتيقة. وإنني لأعرف قوما ترهلت أبدانهم من كَثْرَة استفراغ الدَّم من أَسْفَل وانتفعوا بِهَذَا الطلاء نفعا عجيباً وَذَلِكَ لِأَن قُوَّة التُّرَاب مجففة من أجل أَن جرم الأَرْض يَابِس.

وَإِذا كَانَت الأَرْض خَالِصَة لَا يخالطها جَوْهَر مائي فَهِيَ مجففة تجفيفاً لَا لذع مَعَه وَمِمَّا يعينها على ذَلِك الْغسْل. وَإِنَّمَا يغسل التُّرَاب بالتصويل على مَا سنصف فِي كتاب صَنْعَة أَعمال الطِّبّ.

وَيغسل كل تربة على قدر خلوصها وجودتها.

قَالَ: وَأما تربة شاموس فَلَا تحْتَاج إِلَى غسل وَنحن نستعمل الْمُسَمّى من هَذِه التربة كَوْكَب شاموس فِي مداواة نفث الدَّم خَاصَّة وانفجاره من حَيْثُ كَانَ كَمَا نستعمل الْمَخْتُوم وبهذه الْقُوَّة بِعَينهَا صَارَت هَذِه الترابات نافعة لانفجار دم الْأَرْحَام وَالْبرد الْعَارِض للنِّسَاء ولقروح المعي قبل أَن يتعفن.

وَقَالَ أَيْضا فِي الطين الْمَخْتُوم: قد استعملته فِي مداواة قُرُوح الأمعاء العفنة الساعية فنفعت بِهِ مرَارَة كَثِيرَة نفعا بَينا بِأَن حقنت بِهِ وسقيت مِنْهُ بعد أَن غسلت القرحة أَولا بحقنة بِمَاء الْعَسَل على مَا قد جرت بِهِ الْعَادة بل يكون مَاء عسل لَهُ صروفة ثمَّ بعد ذَلِك بِمَاء الْملح ثمَّ حقنت بِهِ والطين الْمَخْتُوم أقوى من طين شاموس بِكَثِير وَلذَلِك لَا يحْتَمل الْأَعْضَاء الَّتِي بهَا ورم حَار قُوَّة الطين الْمَخْتُوم بل يحس خشونة بَيِّنَة وخاصة الْأَبدَان الناعمة.)

قَالَ: وَأما طين شاموس فَإِنَّهُ يسكن هَذَا الورم فضلا عَن أَن يهيجه وخاصة إِن كَانَ فِي بدن رطب وأعضاء رطبَة نَحْو الثديين وَلحم الغدد وَإِذا أردْت اسْتِعْمَاله فاعجنه بِمَاء ودهن ورد فائق قدر مَا يمنعهُ أَن يجِف فَإِنَّهُ على هَذِه الصّفة نَافِع جدا للأورام الحارة فِي ابتدائها والنقرس الْحَار وَفِي جَمِيع الْمَوَاضِع الَّتِي تحْتَاج إِلَى برودة معتدلة.

وَهَذَا الطين يبرد تبريداً كَافِيا وجوهر الهوائية عَلَيْهِ أغلب إِذا قيس بالطين الْمَخْتُوم وَالدَّلِيل على ذَلِك خفته فِي الْوَزْن فاعبر أبدا التُّرَاب باللين والخشونة والعلوكة والاملاس واللزوق والحل وكوكب شاموس ففيهما جلاء يسير فَلذَلِك يسْتَعْمل فِي الْغمر.

وَقد بَينا فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من حِيلَة الْبُرْء: أَن كل شَيْء فِيهِ جلاء يسير نَافِع فِي بِنَاء اللَّحْم فِي الْجِرَاحَات فَإِن كَانَ مَعَ هَذَا يجفف فَهُوَ يدمل وَيخْتم الْجِرَاحَات.

وأنفع هَذِه الْأَشْيَاء للقروح الَّتِي لَا غور لَهَا ولحرق النَّار مَا كَانَ يجفف بِلَا لذع وَلَا إسخان وَلَا تبريد ظَاهر وَلذَلِك صَار طين شاموس وطين كيوس من أفضل الْأَدْوِيَة للقروح الْحَادِثَة من حرق النَّار لِأَن هَذِه تحْتَاج إِلَى أدوية تجلو جلاء يَسِيرا جدا من غير سخونة وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>