للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالرُّكُوب وَالْحَرَكَة بعد الطَّعَام أبلغ مَا يكون فِي إِفْسَاد الْغذَاء وإيراث الأخلاط الردية والخراجات وَنَحْوهَا.

وَقَالَ فِي هَذَا الْكتاب: يجب فِي تَدْبِير حفظ الصِّحَّة أَن يبْدَأ بالتعب ثمَّ بِالطَّعَامِ ثمَّ بِالنَّوْمِ وإعرف إصْلَاح التخم من بَاب الْمعدة.

من السَّادِسَة من تَدْبِير الأصحاء الَّذين مزاج أكبادهم ومعدهم وأعضائهم الرئيسة مُتَسَاوِيَة فَإِن الطَّعَام الَّذِي يلتذونه هُوَ أغذى لَهُم وَأما الَّذين مزاج هَذِه الْأَعْضَاء مُخْتَلف فيهم حَتَّى يكون فِي الْمثل مزاج الْمعدة بِخِلَاف مزاج الكبد فَإِنَّهُم قد يشتهون مَا يضرهم على مَا قُلْنَا فِي بَاب حفظ قَالَ جالينوس: يجب أَن تعرف خَواص الأغذية والأطعمة الَّتِي تستدرك بالتجربة فَإِن لَهَا فِي قُوَّة الهضم أعظم المعونة وتعمل بِحَسبِهِ. لي اسْتَعِنْ بِبَاب قوانين حفظ الصِّحَّة وانقله إِلَى هَهُنَا.

الأولى من كتاب الأخلاط قَالَ: مصابرة الْعَطش يشفي من علل مائية والأبدان الرّطبَة وَأما الْأَبدَان المرارية الأخلاط فَإِنَّهُ يَضرهَا ويهيج فِيهَا المرار.

قَالَ: وَكَذَلِكَ الْجُوع فَإِنَّهُ يهيج المرار جدا فَأَما الأخلاط النِّيَّة فَإِنَّهُ ينضجها وَيقطع البلغم.

قَالَ: الشِّبَع والري ينفعان الْأَبدَان الَّتِي الْغَالِب ألف ي عَلَيْهَا المرار والجوع والعطش الَّتِي استولى عَلَيْهَا البلغم.

الْمقَالة الثَّانِيَة من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: ٣ (التَّدْبِير الرَّدِيء فِي الْمطعم وَالْمشْرَب) غير الشبيه بعضه بِبَعْض أوفق فِي حَال حفظ الصِّحَّة فِي جَمِيع الْأُمُور الْأَوْقَات من الِانْتِقَال بَغْتَة إِلَى تَدْبِير آخر وأجود مِنْهُ لِأَن تَغْيِير الْعَادة على غير تدريج عَظِيم الضَّرَر.

قَالَ: وَمن ذَلِك أَن انْتِقَال من جرت عَادَته أَن يَأْكُل فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ إِن انْتقل إِلَى أَن يَأْكُل مرّة بَغْتَة أحدث عَلَيْهِ ضَرَرا وضعفاً وَمن لم تكن عَادَته أَن يتغذى فتغذى أضعفه ذَلِك على الْمَكَان وكسله وأرخاه فَإِن تعشى مَعَ ذَلِك تجشأ جشاء حامضاً.

وَمِنْهُم من يعرض لَهُ لين الْبَطن لِأَنَّهُ قد ثقل على معدته شئ جاءها بِخِلَاف الْعَادة لِأَن الطبيعة كَانَت قد اعتادت أَن لَا تتملأ مرَّتَيْنِ وَلَا تهضم الطَّعَام مرَّتَيْنِ.

وَمن اسْتعْمل الخواء على غير عَادَة عرض لَهُ كرب عَظِيم قلق واضطراب النّوم. وَإِذا تَركه وَهُوَ مُعْتَاد ضعف وسهر.

قَالَ: وَمن ناله ثقل من الْغذَاء فَيَنْبَغِي أَن ينَام نوماً كثيرا بِقدر لَيْلَة مَعَ توقي الْبرد فِي الشتَاء وَالْحر والصيف فَإِن لن يتهيأ لَهُ النّوم يمشي مشياً كثيرا وليشربوا شرابًا قَلِيلا لِئَلَّا يهيج بهم نفخ وَلَا قراقر فَإِذا تخلصوا من ذَلِك لم يعاودوا الْعشَاء والغذاء الَّذِي يثقل عَلَيْهِم وَإِن أَحبُّوا ذَلِك تدرجوا فِيهِ قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى يعتادوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>