للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: والجوع الطَّوِيل تمتلئ بِهِ الْمعدة صديداً.) لي على مَا فِي الْفُصُول من الْمقَالة الأولى: الْأَبدَان يجب أَن تغذى بِمِقْدَار الْوَقْت والمزاج والمهنة فَإِن الشتَاء وَسن الصّبيان والمزاج الْحَار الرطب والكد والرياضة توجب أَن يكون الْغذَاء كثيرا أما الشتَاء فلطول اللَّيْل: وسخونة الْجوف لعدم التَّحَلُّل.

وَأما المزاج فَلِأَن مَا كثرت فِيهِ الْحَرَارَة الغريزية يحْتَاج إِلَى غذَاء أَكثر.

وَأما السن فَلِأَن الصّبيان لِكَثْرَة مَا يتَحَلَّل مِنْهُم يَحْتَاجُونَ إِلَى غذَاء أَكثر وَكَذَلِكَ الشَّبَاب وَأما الْمَشَايِخ فَأَقل.

أَصْحَاب الرياضة يَحْتَاجُونَ إِلَى غذَاء أَكثر وبالضد.

وَكَذَلِكَ الْحَال فِي كَيْفيَّة الْغذَاء فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون عِنْد حفظ الصِّحَّة ملائماً لذَلِك المزاج فَإِن الصّبيان يَحْتَاجُونَ إِلَى غذَاء أرطب والشباب إِلَى مَا هُوَ أجف وبحسب ذَلِك يتم الْبَاب.

وَأما الْمَشَايِخ فيحتاجون إِلَى أَن يغتذوا قَلِيلا قَلِيلا فِي أزمنة مُتَقَارِبَة كَمَا قد بَينا ذَلِك فِي أبوابه.

والأغذية الَّتِي هِيَ شَبيهَة بالطبع تسْتَعْمل عِنْد حفظ الصِّحَّة والمضادة عِنْد الْمَرَض كَمَا قَالَ أبقراط: إِن الْغذَاء الرطب جيد للمحمومين.

الْمقَالة الثَّالِثَة: من كَانَ عَازِمًا أَن لَا يَأْكُل لحمية أَو لسَبَب مَا فَلَا يتعب وَلَا يفصد وَلَا يسهل وَلَا يتقيأ وَلَا يعْمل شَيْئا يُحَرك الْبدن حَرَكَة قَوِيَّة لِأَن الْقُوَّة تخور إِذا اسْتعْمل هَذِه مَعَ الْجُوع الشَّديد جدا. ٣ (شرب الشَّرَاب على الْجُوع) الشَّديد قبل أَن يتَنَاوَل الطَّعَام يُورث التشنج واختلاط الذِّهْن سَرِيعا.

مَا كَانَ من الطَّعَام أخس قَلِيلا إِلَّا أَنه ألذ فَيجب أَن يخْتَار على الْأَفْضَل مِنْهُمَا إِلَّا أَنه أكره لِأَن الْمعدة تحتوي على مَا تلتذ وَتلْزَمهُ جدا فتجيد هضمه وَلَا تحتوي على الكريه فَلذَلِك ألف ي يسوء هضمه فيجلب إِمَّا غثياً وَإِمَّا نفخة.

وَاعْلَم أَن الشَّيْء الَّذِي هُوَ عِنْد النَّاس أَكْثَرهم أردأ قَلِيلا ثمَّ كَانَ عِنْد وَاحِد مستلذاً فَإِنَّهُ خير لَهُ فَإِن جمع اللَّذَّة أَن لَا يكون ذَمِيمًا الْبَتَّةَ فَذَلِك أفضل مَا يكون وَإِنَّمَا قُلْنَا: أخس قَلِيلا لِأَن الشَّيْء المستلذ إِن كَانَ فِي الْغَايَة من الرداءة فَلَا يجب حِينَئِذٍ أَن يُؤثر لأجل استلذاذه بل إِذا كَانَت رداءته قَليلَة وَلَذَّة العليل لَهُ أَكثر مِنْهُ للَّذي لَيست لَهُ تِلْكَ الرداءة وَكَذَلِكَ الْأَمر فِي الْبدن الصَّحِيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>