يكثر ويجعلها فِي الْأَوْقَات الَّتِي يشْتَد فِيهَا جوعه فَأَما فِي غير هَذِه الْأَوْقَات فلتستعمل المتوسطة بَين القليلة الْغذَاء والكثيرة الْغذَاء.
فَأَما ٣ (الْأَطْعِمَة الردية الْخَلْط) فَيجب للنَّاس أجمع أَن يدعوها وَمِنْهَا الْفَاكِهَة الرّطبَة إِلَّا أَن يتعبوا فِي الصَّيف تعباً شَدِيدا فيحتاجوا إِلَيْهَا لحرارة أبدانهم ويبسها فليأكلوا حِينَئِذٍ قبل الطَّعَام التوت والمشمش والبطيخ والخوخ وَنَحْوهَا والأجاص وَلَيْسَ هَذَا تَدْبِير جيدا لِأَنَّهُ قد يُمكن مداواة هَذَا اليبس بِأَن يدْخل الْحمام وَيشْرب بعد خُرُوجه خمرًا ممزوجة وَيبقى ثمَّ يَأْكُل خساً وكوارع الْخِنْزِير المتخذة بالمري وَالزَّيْت وَأَجْنِحَة الدَّجَاج وسمكاً ليناُ رخصاً أَو الْبُقُول الجيدة وَشَرَابًا ممزوجاً بِمَاء بَارِد شَدِيد الْبرد مَتى كَانَ مُعْتَادا لَهُ ومشهياً وَالْبيض التيمبرشت فَأَما أَنا فِي هَذِه الْحَالة فأشرب مَاء الشّعير وَليكن مِقْدَار برد المَاء بِقدر الْعَادة.
قَالَ: والثلج لَا يضر فِي هَذِه الْحَال وَإِن اجْتنب وتوقى وَقت شدَّة الْحر وَشرب من مَاء الْعُيُون الْبَارِدَة كَانَ أصلح فَإِن الثَّلج وَإِن كَانَ لَا يظْهر لِلْحسنِ مضرته للأبدان الصَّحِيحَة فَإِن ضَرَره ألف ي يتزيد قَلِيلا قَلِيلا من غير أَن يحس بِهِ حَتَّى إِذا أسن الْإِنْسَان أحدث فِي المفاصل والعصب أمراضاً عسرة الْبُرْء وَلَا يكَاد تَبرأ أَو يكون فِي الْأَعْضَاء الضعيفة أَكثر.
والتخم المتواترة عَظِيمَة الْقُوَّة فِي اجتلاب الْأَمْرَاض من الأغذية الحميدة كَانَت أَو من الذميمة إِلَّا أَن التخم الَّتِي من الذميمة الكيموس أشر.
وَمَا كَانَ من التخم من الأغذية الردية الكيموس مِمَّا خلطه لطيف فَإِنَّهُ يُولد أمراضاً حادة وحميات خبيثة والحمرة وَنَحْوهَا من الْأَمْرَاض الحادة.
وَمَا كَانَ من الغليظة البلغمية الكيموس فَإِنَّهُ يحدث عَنهُ وجع المفاصل والنقرس والكلى والرئة وجساوة الطحال والكبد.
وَمَا كَانَ مِنْهَا يُولد سَوْدَاء فَيحدث الإلحاح عَلَيْهَا السراطين والتقشر وَحمى الرّبع والجرب والمالنخوليا والبواسير.
وَمَا كَانَ من الأغذية مختلطاً متفنن الكيموس الردي فَإِنَّهُ يُورث أوراماً وسعالاً والقروح والأكلة وحميات تنتكس مرّة بعد مرّة وتطول.
فَمن الْوَاجِب لمن يُرِيد بَقَاء الصِّحَّة أَن يَعْنِي بِتَقْدِير الكمية فِي الْأَطْعِمَة وجودة كيموسها وجودة الهضم فَإِنَّهُ إِن عني بذلك لم يكد يمرض.
قَالَ: وَمن لم يُمكنهُ اسْتِعْمَال نوع من أَنْوَاع الرياضة قبل الطَّعَام بِالْقَصْدِ إِلَيْهَا خَاصَّة فليستعمل)
الرّكُوب وَالْمَشْي قبله. فَإِن السّكُون شَرّ عَظِيم فِي حفظ الصِّحَّة كَمَا أَن الْحَرَكَة خير عَظِيم وَذَلِكَ لِأَن الْإِنْسَان مَتى عني بِأَن لَا يعرض لَهُ سوء هضم الْبَتَّةَ فَلَا يَتَحَرَّك بعد الْأكل حَرَكَة قَوِيَّة لم يمرض الْبَتَّةَ فَإِن الْحَرَكَة القوية بعد الطَّعَام تولد فِي الْبدن خلطاً نيئاً تمتلئ مِنْهُ الْعُرُوق وَذَلِكَ شَرّ عَظِيم فِي حفظ الصِّحَّة كَمَا أَنه من أصلح شَيْء الْحَرَكَة قبل الطَّعَام.