قَالَ: فَلْيَكُن غرضك فِي الْيَوْم الأول بِهَذَا الدَّلْك والدهن اللين أَن يمْنَع الإعياء من الْحُدُوث إِن حدث تقصد إِلَى إذهابه وَإِنَّمَا يذهب الإعياء بالرياضة المسكنة الَّتِي تسْتَعْمل فِيهَا حركات معتدلة فِي كميتها بطيئة فِي كيفيتها وتقطع الحركات بوقفات كَثِيرَة تسْتَعْمل فِيهَا الدَّلْك للبدن بأيد كَثِيرَة ليفرغ من الدَّلْك سَرِيعا لِئَلَّا يبرد والكي تنْحَل فضوله سَرِيعا.
وليكثر اسْتِعْمَال الدَّلْك إِذا كَانَت الفضول محتقنة فِي نفس الْجلد وَتَحْته وَيكثر اسْتِعْمَال حَرَكَة الْبدن من ذَاته فِي الإعياء الَّذِي تكون الفضول فِيهِ محتقنة فِي العضل وَهُوَ الورمي وَذَلِكَ أَن الفضول حِينَئِذٍ إِنَّمَا تخرج من العضل لتحريكها من دَاخل الْبدن والدلك من خَارج لِأَن تحريكها يمدها والدلك يعصرها فَيدْفَع الْفضل كالشيء المعصور.
وَأما الصِّنْف الامتدادي فَإِن علاجه الإرخاء وَيكون بالدلك الْقَلِيل اللين بالدهن العذب المفتر وبالراحة التَّامَّة وبالاستحمام بِالْمَاءِ العذب المعتدل الْحر والمكث فِيهِ طَويلا وَإِن احْتَاجَ أَن ينشف الدّهن عَنهُ مَعَ الْعرق أُعِيد عَلَيْهِ ويمرخ من الْغَد سَاعَة يقوم من النّوم وَهَذَا الصِّنْف من الإعياء يعرض عِنْد الرياضة للَّذين أخلاطهم جَيِّدَة إِذا تعبوا فِي الرياضة الشَّدِيدَة البطيئة.
والدلك يعسر عَلَيْهِم الإعياء لامتداد أبدانهم وَلَا تكون أبدانهم كثيفة وَلَا مقشعرة كأبدان أَصْحَاب الإعياء القروحي وَلَكِن قد تكون فِي الضمور والذبول مثل تِلْكَ وَتَكون أسخن مِمَّا كَانَت عَلَيْهِ فِي وَقت صِحَّتهَا وأسخن من أبدان أَصْحَاب الإعياء القروحي.
وَأما الصِّنْف الثَّالِث وَهُوَ الورمي فَيكون من الحركات الضعيفة المتوالية وَهَذَا الصِّنْف وَحده يورم ألف ي العضل وينفخها أَكثر مِمَّا كَانَت عَلَيْهِ فِي طبيعتها حَتَّى يكون ألمها مثل ألم الورم الْحَار وَلذَلِك يوجعه إِن لمس بدنه وتزيد حرارته وتتوجع أَيْضا إِذا رام الْحَرَكَة من تِلْقَاء نَفسه وَهَذَا الصِّنْف أَكثر مَا يعرض لمن لم يعْتد الرياضة وَأما الْمُعْتَاد لَهَا فَإِنَّهُ يعرض لَهُ فِي)
الندرة إِذا تحرّك حركات صعبة مُتَوَالِيَة كَثِيرَة فاقصد فِي علاجه إِلَى إفراغ الفضول وتسكين الامتداد وتطفئة الالتهاب كَمَا يقْصد لعلاج الورم الْحَار.
والدلك بالدهن الْكثير الفاتر والدلك الرفيق والمكث فِي المَاء المعتدل حره زَمَانا طَويلا يشفي من هَذَا الإعياء فَإِن كَانَ المَاء أَكثر فتورة كَانَ أبلغ وينفعهم السّكُون الطَّوِيل والمرخ وَجَمِيع مَا يرِيح ويحلل الفضول وَصَاحب هَذَا الصِّنْف يحْسب أَن أعضاءه مرضوضة إِلَّا الْعِظَام.
فَأَما الصِّنْف الرَّابِع الشبيه بالإعياء الَّذِي لَا يكون فِيهِ لَا حس القروح وَلَا حس التكسر والورم وَلَا الامتداد وَلَا مَعَه كسل عَن الْحَرَكَة لَكِن مَعَه قضف الْبدن وجفافه فَإِنَّهُ يعرض فِي الْأَبدَان الجيدة الأخلاط المعتدلة الْمُعْتَادَة للرياضة إِذا صَارَت إِلَى رياضة مفرطة ثمَّ صَارَت إِلَى التسكين وَذَلِكَ أَن الفضول تنْحَل عِنْد هَذَا الْفِعْل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute