قَالَ: لَا تغفل أَمر الْهَوَاء فِي كل مرض وَهل هُوَ مضاد لما يحْتَاج إِلَيْهِ أَو مُوَافق فَإِنَّهُ إِن كَانَ مُوَافقا فَهُوَ أَحْمد الْأَسْبَاب النافعة وَإِن كَانَ مضاداً فَلَا تدع أَن تقلبه فِي الْموضع الَّذِي فِيهِ العليل الثَّانِيَة عشرَة قَالَ إِذا حدثت مَعَ الْأَمْرَاض أَعْرَاض فَإِنَّهَا إِن كَانَت قَوِيَّة جدا تنهك الْقُوَّة فَأقبل عَلَيْهَا ودع الْمَرَض وَإِن كَانَت ضَعِيفَة لَا تحل الْقُوَّة فَعَلَيْك بعلاج الْمَرَض نَفسه ودع الْعرض فَإِن قطع الْمَرَض هُوَ الْعرض.
مِثَال فِي ذَلِك: إِن حدث فِي قُرُوح الأمعاء الَّتِي مَعَ عفونة لذع فَإِن كَانَ مفرطاً جدا احتجت أَن تحقنه بشحم الْبَقر والقيروطي وَنَحْوهمَا وَهَذِه لَا تَنْفَع القرحة بل تسكن ألف ي اللذع وتريح الْقُوَّة مُدَّة لِئَلَّا تنْحَل وَإِن كَانَ هَذَا اللذع قَلِيلا فَلَا يجب أَن تقصد لَهُ بل يحقن بالأشياء القالعة للعفونة وَإِن كَانَت قَوِيَّة فِي اللذع وَليكن الْحَد فِي احْتِمَال الوجع الَّذِي هُوَ الْعَارِض قدر مَا لَا يحل الْقُوَّة وَإِن خيف أَن تنْحَل الْقُوَّة فاقصد لَهُ ودع علاج الْمَرَض ثمَّ عد إِلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْمقَالة الأولى من جَوَامِع الْأَعْضَاء الألمة: إِذا أَنْت شَككت فِي وجع هَل هُوَ من الْحَرَارَة أَو من الْبُرُودَة فدواه بأَشْيَاء تبرد أَو تسخن تبريداً وتسخيناً قَلِيلا فَإِن رَأَيْتهَا قد نفع وَاحِد مِنْهَا فقد أصبت الْغَرَض فزد فِي التبريد إِن كَانَ الْمُوَافق أَو الإسخان إِن كَانَ كَذَلِك وَإِن أَنْت أَخْطَأت فَلم تخطئ إِلَّا قَلِيلا إِذا كَانَت الْكَيْفِيَّة الَّتِي قست بهَا يسيرَة وَتعلم من الضَّرَر الْعلَّة أَيْضا فداو بالضد وَلَا تقدم فِي هَذِه التجربة على القوى الْكَيْفِيَّة فَإنَّك تخطئ خطأ رُبمَا لم تقدر على إِصْلَاحه.
الثَّانِيَة من الْفُصُول: مَتى اندفعت إِلَى بعض الْأَعْضَاء فضلَة كالخوانيق والخراجات والبثور فَانْظُر إِن كَانَ مَا يبرز من الْبدن مرارياً فَاعْلَم أَن الدَّم كُله رَدِيء وَفِي الْبدن أخلاط ردية وَإِن كَانَ مَا يبرز من الْبدن كَالَّذي يبرز من الأصحاء فَاعْلَم أَن جَمِيع مَا كَانَ فِي الدَّم من الرداءة هُوَ مَا قد دَفعه فَتقدم فِي هَذِه الْحَال على تغذية الْبدن بِثِقَة. لي أما الْحَال الأولى فَإِنَّهُ يحْتَاج فِيهِ إِلَى استفراغ لينقي الدَّم مِمَّا فِيهِ فَأَما فِي هَذِه الْحَال فَلِأَن الدَّم جيد نقي فَهُوَ يحْتَاج إِلَى تَقْوِيَة الْقُوَّة. لي إِذا أردْت أَن تكون أبقراطياً صَحِيحا فَعَلَيْك بِحِفْظ الْقُوَّة جهدك فَإِن أبقراط يصرف أَكثر عنايته فِي الْأَمْرَاض ألف ي إِلَى حفظ الْقُوَّة لِأَن الْقُوَّة إِذا ضعفت لم يغن العلاج شَيْئا وَكَانَ كلما يرد على الْبدن يحِيل وَلَا يَسْتَحِيل اسْتِعْمَال الْكثير بَغْتَة مِمَّا يمْلَأ الْبدن أَو يستفرغه أَو)
يسخنه أَو يبرده أَو يحركه بِنَوْع مَا من الْحَرَكَة أَي نوع كَانَ خطر لِأَن طبيعة الْبدن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute