قَالَ ج: إِنَّمَا يُرِيد بِالصرْفِ الَّذِي هُوَ غير مخالط للبزاق ثمَّ قَالَ: والأبيض اللزج والمستدير غير نَافِع ثمَّ ترقى إِلَى ذكر مَا هُوَ فِي غَايَة الرداءة فَقَالَ وَإِذا كَانَ أَخْضَر جدا أَو زبدياً فَإِن كَانَ صرفا مَحْضا حَتَّى يبلغ من ذَلِك إِلَى أَن يكون أسود فَهُوَ أردى مِمَّا ذكرنَا قبله فعلى هَذَا الْمِثَال فاستدل من الْأَشْيَاء الْخَاصَّة بِذَات الْجنب وَانْظُر مَعهَا فِي الْأَشْيَاء الْعَامَّة لَهُ مَعَ الْأَمْرَاض الحادة فَإِن الْأَعْلَام الجيدة احْتِمَال الْمَرِيض لمرضه وَصِحَّة النَّفس وألاّ يجد وجعاً وَأَن ينفث بزاقه بسهولة وَأَن يكون بدنه حاراً حرارة مستوية وَيكون ليّناً وَلَا يكون بِهِ عَطش وَيكون الْبَوْل وَالْبرَاز وَالنَّوْم والعرق مَحْمُودًا بِهَذِهِ الْأَعْلَام الجيدة الخاصية بآلات التنفس والمشتركة لجَمِيع الْأَمْرَاض الحادة قد نسقتها لَك وأتبع أبقراط بِذكر هَذِه العلامات الرَّديئَة فَقَالَ: وَأما الْأَعْلَام الرَّديئَة فَإِن تثقل على الْمَرِيض احْتِمَال مَرضه وَيكون نَفسه عَظِيما متواتراً وَلَا يسكن وَجَعه.
لي يَعْنِي الناخس الَّذِي فِي الْجنب قَالَ: وَإِن ينفث بزاقه بكدّ أَو أَن يعطس جدا وَأَن يكون حرارة الْحمى فِي بدنه مُخْتَلفَة فَيكون بَطْنه وجنباه حارة جدا وَتَكون جَبهته ويداه وَرجلَاهُ بَارِدَة وَيكون الْبَوْل وَالْبرَاز وَالنَّوْم والعرق كلهَا رَدِيئَة مذمومة.
قَالَ: النفث الْأسود مَعَ مَا يدلّ على أَنه غير نضيج قد يدلّ على التّلف من بِهِ ذَات الْجنب إِن ظهر بِآخِرهِ طَال الْمَرَض النوائب فِي ذَات الْجنب فِي أَكثر الْأَمر يكون غبّاً فَمَتَى رَأَيْت عَلامَة من عَلَامَات النضج أيّ عَلامَة كَانَت من قبل أَن يَأْتِي النّوبَة الثَّانِيَة فَإِنَّهُ يدل على أَن الْمَرَض قصير سليم البزاق الشبيه ببزاق الأصحاء يدلّ على غَايَة سَلامَة آلَات التنفس والمخالف لَهُ على أَن آلَات النَّفس عليلة بِقدر تِلْكَ الْمُخَالفَة قَالَ: وَأما الَّتِي بالضد من الطبيعي فعلى أَنه غير نضيج وَأَن آلَات النَّفس فِي غَايَة الضعْف فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك فِيهِ شَيْء رَدِيء فعلى الْمَوْت.)
لي بِقدر تقدّم عَلَامَات النضج يكون قصر مُدَّة الْمَرَض وبقدر قوتها سَلَامَته أَمر التبّزق نضج ذَات الرئة وَالْجنب فِي بَاب إزمان الْأَمْرَاض فَإِنَّهُ فِيهَا على مَا يَنْبَغِي وَهَذِه جملَته أَن البزاق الَّذِي لَا حمرَة ناصعة فِيهِ وَلَا صفرَة خَالِصَة وَلَا زبدية وَلَا لزوجة السهل النفث العديم الوجع مَحَله فِي الدّلَالَة على نضج الْخَلْط الَّذِي مِنْهُ ذَات الْجنب محلّ الثّقل الْأَبْيَض الأملس الراسب فِي الْبَوْل وَإِلَّا ينفث الْمَرِيض الْبَتَّةَ لكنه يسعل سعالاً يَابسا نَظِير الْبَوْل المائي وَأَن ينفث شَيْئا قَلِيلا رَقِيقا فَإِنَّهُ ينْتَقل نقلا خَفِيفا إِلَى النضج جدا وَلَيْسَ يدل أَن ابْتِدَاء ذَات الْجنب قد انْقَضى بِهَذِهِ العلامات فضلا على تصاعده فَإِذا أقبل النفث يزْدَاد كَثْرَة وغلظاً فَهُوَ فِي طَرِيق النضج فَإِذا نفث نفثاً نضيجاً كثيرا سهلاً بِلَا وجع فَذَلِك النضج التَّام وَهُوَ وَقت منتهي الْمَرَض فَإِذا نقصت كمية هَذَا النفث وَكَانَ على غلظة وسهولة خُرُوجه وَلم يبْق شَيْء من الوجع الْبَتَّةَ فقد انْقَضى إِلَيْهَا الْمَرَض أَو انحط وَبعد هَذَا الْكَلَام مِثَال نقرأه من ثمَّ. ٣ (مِثَال فِي الحميات) الَّتِي مَعَ ألف ألف أورام يمثل فِيهِ بِذَات الْجنب قَالَ: أما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute