للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

النبض الْكَبِير: قَالَ إِذا كَانَ التَّوَاتُر مفرطاً جدا فِي نبض أَصْحَاب الشوصة دلّ على أَن الْعلَّة ستميل إِلَى الرئة حَتَّى يحدث مِنْهَا ذَات الرئة أَو ينذر بغشى يحدث والقليل التَّوَاتُر هُوَ أقل تواتراً من التَّوَاتُر الْخَاص بِهَذِهِ الْعلَّة لِأَن هَذِه الْعلَّة إِذا كَانَ فِيهِ تَوَاتر صَالح أنذره بسبات يحدث أَو آفَة بالعصب وَالِاخْتِلَاف المنشاري فِي النبض هُوَ بِهَذِهِ الْعلَّة أخص مِنْهَا بغَيْرهَا من الأورام فَإِن كَانَ هَذَا الِاخْتِلَاف يَسِيرا فَإِن ورم الغشاء المستبطن للأضلاع لَيْسَ بسريع النضج وَإِن كَانَ هَذَا الِاخْتِلَاف شَدِيدا دلّ على صعوبة الْمَرَض وعسر نضجه وَإِذا كَانَت الشوصة على هَذِه الْحَال ثمَّ كَانَ مَعَ قُوَّة قَوِيَّة فإمَّا أَن يبطيء نضجها زَمَانا طَويلا وَإِمَّا أَن يؤول إِلَى جمع الْمدَّة وَإِمَّا إِلَى ذبول السل وَإِن كَانَت مَعَ قُوَّة ضَعِيفَة فَإِنَّهُ ينذر بِمَوْت سريع فَإِذا استحكمت المِدة ذهب الِاخْتِلَاف فِي النبض وجدت النبض الدَّال على جمع الْمدَّة وَإِن آل الْحَال إِلَى الذبول رَجَعَ النبض إِلَى النبض الْخَاص بالذبول وَقَالَ: الشوصة ورم حَار يحدث فِي الغشاء المغشي على الأضلاع من دَاخل الْمَعْرُوف بالمستبطن للأضلاع وَلذَلِك تتبعه حمى لِأَن الورم قريب من الْقلب وَمن أجل أَن الْحمى تكون حارة يكون النبض سَرِيعا وَلِأَن الْعُضْو الوارم عصبي يكون النبض صلباً بِمِقْدَار بيّن ولمكان صلابته يكون أَصْغَر مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ الْحمى فَيجب لذَلِك أَن يكون متواتراً إِذْ كَانَت الْحَرَارَة تحْتَاج إِلَى عظم النبض والصلابة لَا تواتي لتستدرك بالتواتر مَا فَاتَ من عظم الانبساط وَلَيْسَ التَّوَاتُر فِي كل شوصة سَوَاء لِأَن الْخَلْط الَّذِي يحدث عِنْد الورم إِن اتّفق أَن يكون صفراوياً كَانَت الْحمى أحدّ وأخفّ بِالْقُوَّةِ وَإِن كَانَ بلغمياً كَانَ أسكن وَكَانَ إِلَى أَن يحدث سباتاً أقرب من أَن يحدث هذياناً وسهراً والدماغ يشْتَرك مَعَ عِلّة هَذَا الغشاء دَائِما لما يصل إِلَيْهِ من بخارات الأخلاط الَّتِي تفعل هَذَا الورم فَإِذا كَانَ الْخَلْط صفراوياً بخر إِلَيْهِ بخار يشبه نفثه لطيف الدُّخان حاراً فَيحدث لذَلِك اخْتِلَاط وتهيج وَإِن كَانَ بلغمياً كَانَ مَا يبخر إِلَى الدُّخان شبه الضباب الكدر وَالَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَة الْغَيْم فَإِذا وصل هَذَا إِلَى الدِّمَاغ رطبه وَثقله وأورث السبات وَرُبمَا كَانَ النبض الشَّديد الْمُتَوَاتر ينذر إِمَّا بالغشي وَإِمَّا أَن يؤول الْأَمر إِلَى ذَات)

الرئة عِنْدَمَا يكون الورم من خلط حَار يغلي فَيكون مِنْهُ الغشي من أجل إضراره بِالْقَوِيّ وَأما ورم الرئة فَإِنَّهُ يَجْعَل النبض متواتراً لِكَثْرَة الْحَاجة وَصغر الانبساط وَإِذا صَار الورم كثير التَّوَاتُر لم يخل أَن يكون الورم قد مَال إِلَى الرئة وَإِمَّا أَن يكون شَدِيد الْحَرَارَة يغلي لِشِدَّتِهِ وَهَذَا يجفف بِالْقُوَّةِ جدا فيورث الغشي وَأما قلَّة التَّوَاتُر ينذر بسبات أَو آفَة فِي العصب لِأَنَّهُ يدل على ألف ألف أَن الْخَلْط الْفَاعِل للورم بلغم والبخار الَّذِي مِنْهُ يصعد إِلَى الدِّمَاغ بَارِد فَإِذا كثر هَذَا البخار فِي الدِّمَاغ فَإِنَّهُ إِن كَانَ قَوِيا وَأمكنهُ أَن يَدْفَعهُ عَن نَفسه إِلَى بعض الْأَشْيَاء الْمُتَّصِلَة بِهِ أحدث آفَة بالعصب وَإِن لم يُمكن دَفعه عَن نَفسه أحدث السبات. لي وَأما جمع الْمدَّة فِي الصَّدْر والذبول فَنَذْكُر فِي النبض وَإِنَّمَا ذكرنَا هَذِه هَاهُنَا لدلَالَة فِي الْكَلَام على الْعلَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>