للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَيحْتَاج صَاحبه أَن ينْتَظر بِالْأَكْلِ بعد الرياضة حَتَّى تسكن حرارته السّكُون التَّام وبالضد لِأَن المهزول حِينَئِذٍ يَأْكُل أكلا أَكثر والسمين يَأْكُل أكلا أَكثر لِأَنَّهُ يشْبع سَرِيعا وخاصة أَن كَانَ من الدسم قَالَ: واسقه بعد الرياضة شرابًا إِلَّا أَنه بحذر وتوق تسقيه مَعَ مَاء فاتر لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تقل شَهْوَته وجنبه الْبَارِد فَإِنَّهُ يزِيد فِي الشَّهْوَة وليجعل طَعَامه مرّة وليدع الْحمام ويخشن فرَاشه وَلَا يتدثر مَا أمكنه لِأَن الطَّعَام إِذا أَخذ فِي مَرَّات جاد هضمه جدا وَقل مَا يتَوَلَّد مِنْهُ من الثفل وبالضد والاستحمام يعين على نُفُوذ الْغذَاء جدا لسخونة ظَاهر الْجِسْم وباطنه وخاصة الظَّاهِر وَالنَّوْم على الشَّيْء الصلب يحضر بدنه)

ويمنعه الانبساط والتكشف يبرد فِي الشتَاء ويسخن فِي الصَّيف على التَّحَلُّل جدا وَفِي الشتَاء لِأَنَّهُ يبرد الظَّاهِر جدا وَيمْنَع نُفُوذ الأغذية إِلَى الْأَطْرَاف والسطوح.

الْفُصُول قَالَ أبقراط: إِن خصب الْبدن المفرط فِي الْغَايَة القصوى خطر لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يثبت أَصْحَاب ذَلِك على حَالهم وَلَا يستبرؤا عَلَيْهَا وَلَيْسَ يُمكن أَن يزدادوا إصلاحا لِأَن خصبهم فِي الغابة فبقى أَن يميلوا إِلَى حَال أردى وَلذَلِك وَاجِب أَن ينقص مثل هَذَا الخصب قَلِيلا قَلِيلا بِلَا تَأْخِير بالاستفراغ وَلَا تجْعَل الاستفراغ قَوِيا فِي مرّة لِأَن ذَلِك خطر وكل تغذية تبلغ القصوى فَهُوَ خطر أَيْضا. لي الخصب الَّذِي يُمكن أَن يثبت على حَاله هُوَ الَّذِي فِيهِ للجلد وَالْعُرُوق مَوضِع للتمدد وَقبُول الْغذَاء فَأَما إِذا امْتَلَأت فِي الْغَايَة فَلَيْسَ بُد عِنْد التغذى أَن يفصد بعض الْعُرُوق والاستفراغات أَو نَحْو ذَلِك قَالَ: لِأَن الْجِسْم إِذا صَار بِهَذِهِ الْحَالة لم يكن بُد أَن تنهنك بعض الْعُرُوق أَو تنطفيء الْحَرَارَة الغريزية لِأَنَّهَا لاتجد مَكَانا فِي الْعُرُوق فِي التروح فَتكون مِنْهُ موت الْفجأَة وَقد عرض ذَلِك كثيرا لقوم من أَصْحَاب الصراع فَيجب أَن ينقص ألف ب هَذَا السّمن وَلَا يُؤَخر وَذَلِكَ لِأَن الطبيعة دَائِما تُوجد الْغذَاء فَإِذا لم يكن فِي الْعُرُوق لم يكن بُد أَن يهتك فاما أَن يطفيء الْحَار الغريزي فَيكون موت فَجْأَة فَلذَلِك يجب أَن ينْقض هَذَا الخصب لكَي يكون للغذاء الَّذِي ينفذ موضعا: وَلَا يقْصد للاستفراغ المفرط لِأَن خطره لَيْسَ بِدُونِ الامتلاء المفرط.

وَأما الخصب الَّذِي لَيْسَ فِي الْغَايَة بل الْمُتَوَسّط مثل خصب من يرتاض فَإِنَّهُ لَا يجب أَن ينقص كَمَا ينقص هَذَا الخصب المفرط. الْمَوْت إِلَى من هُوَ أول سنة أسمن وَهُوَ غليظ الْبدن أسْرع مِنْهُ إِلَى من هُوَ أول سنة قضيف قَالَ: وَأفضل السحنات المعتدل لِأَن ذَلِك يُمكن فِيهِ غَايَة الشيخوخة فَإِن كَانَ جَاوز الِاعْتِدَال بإفراط فِي الهزال أعون وَذَلِكَ أَن الْبدن الغليظ ضيق الْعُرُوق فَلذَلِك الدَّم وَالروح فِيهِ قليلان فَإِذا تمادت بِهِ السن طفئت حرارته الغريزية من أدنى سَبَب يعرض لَهَا سَرِيعا فَأَما المهزول فَلَيْسَ يخَاف عَلَيْهِ من هَذَا الْوَجْه لِأَنَّهُ لما كَانَت أعضاؤه الرئيسة لَيْسَ لَهَا كَبِير ستر وَلَا وقاية فالآفة تسرع إِلَيْهَا من خَارج فَأَما من كَانَ من الأَصْل رَقِيقا ثمَّ غليظ لِأَنَّهُ اسْتعْمل تَدْبِير المتنعمين فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ اكتسى لَحْمًا وشحماً كثيرا فعروقه

<<  <  ج: ص:  >  >>