مدَّته خرج بالتغوظ دم غليظ ثمَّ خرج مرّة سَوْدَاء بآخر وَهَذَا الضعْف من الكبد يبتدىء بِلَا حمى مادام يخرج بالتغوظ صديد دم رَقِيق فَإِذا طَالَتْ الْمدَّة تبع ذَلِك حميات لِأَن الدَّم الَّذِي فِي الكبد يفْسد وَهِي حميات خبيثة يستخف بهَا الْجُهَّال ويدخلون أَصْحَابهَا الْحمام ويلطفون تَدْبيره وَإِذا كَانَ كَذَلِك عاوده الإسهال من ضعف الْقُوَّة وَبَعض هَؤُلَاءِ تبطل شهواتهم وَبَعْضهمْ تشتد أَكثر وَأما سوء المزاج الْحَار فَلَا يتبعهُ فِي وَقت شَهْوَة الطَّعَام بل ذهَاب الشَّهْوَة الصعب والعطش الشَّديد والحمى القوية وقيء أخلاط مرارية وَرُبمَا تركبت هَذِه الْعِلَل مَعَ الأورام.
مِثَال قَالَ: صرت إِلَى رجل فَلَمَّا دخلت الْبَاب رَأَيْت غُلَاما مَعَه طست يمر بِهِ إِلَى الْخَلَاء فِيهِ صديد رَقِيق يشبه غسالة اللَّحْم الطري الذّبْح وَهِي عَلامَة صَحِيحَة غَايَة الصِّحَّة على عِلّة الكبد فتغافلت ومددت يَدي إِلَى عرق العليل لأعرف مَا قد صَحَّ عِنْدِي أَن الكبد عليلة هَل فِيهَا ورم وَرَأَيْت فِيهَا ورماً وَكَانَ فِي طاق الْبَيْت قديرة فِيهَا زوفاً وَمَاء الْعَسَل فَعلمت أَن العليل يظنّ أَن بِهِ ذَات الْجنب لِأَنَّهُ كَانَ يشتكى عِنْد ضلوع الْخلف ويسعل سعلات صغَارًا وَكَانَ طَبِيبا وَكَانَ نَفسه متواتراً وَهَذِه عَلَامَات بعض ذَات الْجنب ووجع الكبد وَلما تحققت ذَلِك كُله وضعت يَدي على كبده وَقلت: هَاهُنَا تَشْتَكِي فَأقر بذلك فَأَرَدْت أَن أَقُول لَهُ أَن ترقوتك تنجذب إِلَى أَسْفَل وَلَكِن لما كَانَ هَذَا لَيْسَ يلْزم أبدا وجع الكبد بل إِنَّمَا يتبع الأورام الحارة والصلبة إِذا كَانَت عَظِيمَة لم أقل ذَلِك لَهُ مُطلقًا لَكِن قلت: ستجد ترقوتك تنجذب فَأقر بذلك أَيْضا فَلذَلِك يجب أَن تحسنوا اسْتِعْمَال السَّعَادَة إِذا اتّفقت لكم ثمَّ قلت للعليل. إِنَّك تظن أَن بك ذَات الْجنب فتعجب من ذَلِك جدا.
قتا: الإسهال الكيلوسي خَاص بِضعْف قُوَّة الكبد الجاذبة لِأَن الكبد إِذا لم تجذب الْغذَاء من)
الأمعاء والمعدة ينزل الثفل رَقِيقا فَإِذا كَانَ مَعَ هَذَا الإسهال كيلوسي صديد رَقِيق فَإِن ذَلِك حِينَئِذٍ لِأَن بالعروق الَّتِي ينفذ مِنْهَا الْغذَاء إِلَى الكبد ورم حَار وَالْفرق بَين هَذَا الصديد وَبَين هَذَا الْحَادِث عَن ضعف الكبد أَن هَذَا الَّذِي يشبه الصديد رَقِيق قروحي. لى هَذَا كَأَنَّهُ إِلَى الْبيَاض والصفرة وَذَلِكَ إِلَى الْحمرَة وَبِالْجُمْلَةِ الْفرق بَين الصديد القروحي وَبَين مَاء اللَّحْم جدا بَين.
قَالَ: فَمَتَى رَأَيْتُمْ الثفل كيلوسيا وَفِيه هَذَا الصديد وَلَيْسَ فِي الكبد عَلَامَات الورم فأعلموا أَنه لَيْسَ الكبد (ألف ب) عليلة وَلَا عِلّة كيلوسية البرَاز ضعف قوتها الجاذبة فِي الْعُرُوق الَّتِي يصير مِنْهَا الْغذَاء إِلَى الكبد ورم حَار. قَالَ: وَمَتى كَانَت الْقُوَّة الماسكة مِنْهَا ضَعِيفَة خرج أَولا دم صديدي ثمَّ بعد ذَلِك دم غليظ كَأَنَّهُ دردى. لى قد فرق وميز وَقد نظرت فِي هَذِه الْموضع وَكَانَ الْفرق بَين الإسهال الصديدي الْحَادِث من أجل ورم الماسريقا وَالَّذِي من أجل الكبد أَن مَعَ هَذَا لَا يتَبَيَّن ضعف الكبد فَأَما الِاخْتِلَاف الَّذِي يكون بِهِ الضعْف لقُوَّة الماسكة فَهُوَ الأول وَذَلِكَ أَن جَوْهَر الكبد إِنَّمَا هُوَ مَا تتمّ بِهِ قوتها الماسكة. لى قد تكون استفراغات مثل هَذِه والجسم صَحِيح سليم وَيكون السَّبَب فِيهِ كَثْرَة مَا فِي الْجِسْم من ذَلِك الْخَلْط الَّذِي يستفرغ أَيْضا وَيكون فِي عقب الْبُرْء من علل الكبد إِذا عَادَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute