اخْتِلَافا مثل الدَّم وقوتها الْمُغيرَة إِن فَسدتْ بالحرارة جعلت الدَّم فِي الْبدن رديئاً مراريا وَمَتى فَسدتْ إِلَى الْبرد جعلته مائياً وَمَا بَين ذَلِك وقوتها الجاذبة إِذا ضعفت أحدثت إسهال الْبَطن والورم الْحَار فِي الكبد رُبمَا أسهل شَيْئا شَبِيها بِمَاء اللَّحْم إِذا كَانَت الكبد تعْمل الدَّم لَكِن عملا ضَعِيفا مائلاً إِلَى الْبرد والرطوبة وَمن سوء مزاج حَار يكون فِي الكبد يكون مَعَه عَطش وقيء مراري وَحمى قَوِيَّة وبراز منتن وَسُقُوط الْقُوَّة والشهوة وَأما الْبَارِدَة فَيكون مَعَه لين الْبَطن وشهوة الْغذَاء وَنقص الْعَطش وَلَا يكون بِهِ أَولا حمى ثمَّ تكون إِذا تَمَادى بِهِ الزَّمن لِأَن الدَّم نَفسه فِي الكبد ويعفن أَيْضا وَسُوء المزاج الْيَابِس ينحف الْجِسْم وَيصير مِنْهُ كالذبول وَيفْسد الْوَجْه وَيكون مَعَه عَطش وَالرّطب بضد ذَلِك.
وَأما الْأَمْرَاض فَإنَّا سنذكرها فعالج كل سوء مزاج بِمَا يضاده فعالج الْحَار بِمَاء الشّعير وأنواع الهندباء والسلق بالخل وَإِن احتجت أَن تزيد فِي الْقُوَّة فلحم السّمك الرضراضى والتفاح وَالرُّمَّان والسفرجل وضمد بضماد الصندلين وفقاح الْكَرم والورد وحى الْعَالم وأطراف الآس وَالْخلاف والساذج والسنبل والمصطكي والشمع ودهن السفرجل ودهن الآس وَنَحْو ذَلِك ولفساد المزاج الْبَارِد عَلَيْك بالبذور المسخنة اللطيفة وغذ بالخبز المنقع فِي الْخمر والخنديقون وبلحوم العصافير والحجل ودع السّمك الْبَتَّةَ والفواكه الرّطبَة وَسُوء المزاج الرطب إِذا أفرط يُؤَدِّي إِلَى الاسْتِسْقَاء اللحمي واليابس إِلَى الذبول والحار إِلَى ذَلِك وَفَسَاد الدَّم والأورام أَيْضا والبارد إِلَى الاسْتِسْقَاء.)
فِي الأورام قَالَ: الورم الْحَادِث إِن كَانَ فِي حدبة الكبد فَإِنَّهُ يحس إِذا كَانَت عَظِيمَة وَإِن حدث فِي تقعرها فالعلامة ثقل تَحت (ألف ب) الشرسوف وَبطلَان الشَّهْوَة والعطش الَّذِي لَا يفتر والقيء المراري ووجع كَأَنَّهُ يجذب المراق إِلَى فَوق ويبلغ إِلَى الأضلاع والكتف وَرُبمَا بلغ الجذب إِلَى طُلُوع الْخلف وَذَلِكَ فِيمَن كبده ملازقة لهناك وَهَذِه الْأَعْرَاض تعرض أَيْضا عِنْد الورم فِي حدبة الكبد غير أَنه إِذا كَانَ الورم فِي الحدبة كَانَ أعظم وأغلب فَيكون النَّفس أعظم والسعلة أقوى ويمتد الوجع فِي الْكَتف الْأَيْمن لَكِن بطلَان الشَّهْوَة يكون مَعَ ورم التقعر أَكثر مِمَّا يكون مَعَ ورم الحدبة وَكَذَلِكَ الْقَيْء المري والغثى وَكَثْرَة الْعَطش وَيكون مَعَ أورام الكبد الحارة حمى محرقة وَقد يحدث الورم فِي لحم الكبد نَفسه ووجعه يكون ثقيلاً غير نَاسخ وَأما فِي الغشاء الَّذِي يغشيه فوجعه نَاسخ غير ثقيل وَأما فِي عضل المراق الَّذِي فَوق الكبد وَهَذِه الأورام تكون طولا تمتد فِي غوص الْبَطن أَو طوله أَو تاريبه على نَحْو العضل الَّتِي هِيَ وارمة.
وَأما أورام الكبد مستدير هلالي فأفصد الباسليق إِن أمكن وَأعلم أَن الكبد تحْتَاج فِي هَذِه الْحَال إِلَى أدوية وأغذية تقيم مجاريها وتحلل قَلِيلا وَهَذِه لَا تكون إِلَّا جلاءة وَلَا يجب أَن تكون مَعَ جلائها لذاعة لِأَن الورم ينفذ مَعهَا وَيزِيد مَعهَا فَالَّذِي تحْتَاج إِلَيْهِ مَا يجلو بِلَا لذع وَالْعَسَل كَذَلِك لكنه بجلائه يهيج الأحشاء فَاسق لذَلِك مَاء الشّعير فَإِنَّهُ يجلو بِلَا لذع مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute