للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من مظاهر الأبهة والجلال، كنت أسألك أن تعلمه العلم وأن تهديه إلى طريق المدرسة ليضل عن طريق الحانة, فكنت ترى أن الذي يحتاج إلى العلم من يرتزق به, وأن ولدك عن ذلك من الأغنياء، فلا تشك من عمل يديك، ولا تبك من جناية نفسك عليك، فأنت الذي أرسلته إلى الحانة وأنت الذي أبقيته فيها إلى مثل هذه الساعة, وأنت الذي أبعدته عن فراشك أحوج ما كنت إليه.

وما وصل الخادم من حديثه إلى هذا الحد حتى نصل الليل من خضابه واشتعل المبيض في مسوده وإذا صوت الناعورة يرن في بستان القصر رنين الثكلى فقدت واحدها، فقال السيد: هات يدك يا بلال وخذ بيدي إلى جوار النافذة لأروح عن نفسي بعض ما ألم بها أو أودع إلى جانبها نسمات الحياة، ثم اعتمد على يده حتى وصل إلى النافذة فجلس على كرسي مستطيل وألقى على البستان نظرة طويلة فرأى البستاني وزوجه جالسين إلى الناعورة وقد برقت بوارق السعادة من خلال أثوابهما البالية بريق الكواكب المنيرة من خلال السحب المتقطعة، رآهما متحابين متعاطفين لا يتعاتبان ولا يتشاحان١ ولا يشكوان ولا يندبان حظا،


١ من المشاحة وهي المخاصمة والمجادلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>