الحياة وأستبطئ الأجل، وأي لذة في العيش لامرأة لا تستطيع أن تكون زوجة لرجل ولا أما لولد, بل لا تستطيع أن تعيش في مجتمع من هذه المجتمعات البشرية إلا وهي خافضة رأسها، مسبلة جفنها، واضعة خدها على كفها، ترتعد أوصالها، وتذوب أحشاؤها، خوفا من عبث العابثين، وتهكم المتهكمين.
سلبتني راحتي؛ لأني أصبحت مضطرة بعد تلك الحادثة إلى الفرار من ذلك القصر الذي كنت متمتعة فيه بعشرة أبي وأمي, تاركة ورائي تلك النعمة الواسعة وذلك العيش الرغد إلى منزل حقير في حي مهجور لا يعرفه أحد ولا يطرق بابه طارق لأقضي فيه الصبابة الباقية من أيام حياتي.
قتلت أمي وأبي فقد علمت أنهما ماتا وما أحسب موتهما إلا حزنا لفقدي، ويأسا من لقائي.
قتلتني؛ لأن ذلك العيش المر الذي شربته من كأسك، وذلك الهم الطويل الذي عالجته بسببك، قد بلغا مبلغهما من جسمي ونفسي فأصبحت في فراش الموت كالذبالة المحترقة، وأحسب أن الله قد صنع لي وأجاب دعائي وأراد أن ينقلني من دار الموت والشقاء، إلى دار الحياة والهناء.