طموحا إلى المعالي محبا للذكر الحسن والثناء الجميل سهل عليه أن يبذل في سبيل ذلك كل ما يستطيع بذله من ذات يده أو ذات نفسه، وحب المجد أسال الذهب من خزائن الأغنياء، وصبر نفوس الشجعان نهبا مقسما بين شفرات السيوف وأسنة الرماح طلبا لسعادة الحياة بالذكر وسعادة الممات بالخلود، فمن لساقط الهمة ضعيف النفس بدافع يدفعه إلى بذل المال على مكانته من قلبه وامتزاج حبه به، أيدفعه حب الثناء وهو لا يشعر بلذته، أم خوف المذمة وهو لا يتألم منها ولا يتذوق مرارتها، أم سعادة الحياة وسعادة الممات، وهو لا يفهم للسعادة معنى غير ما فهمه الزبرقان بن بدر حينما قنع على لسان الحطيئة من المكارم بلقمة يمضغها، وحلة يلبسها.
السابع -فساد المجتمع الإنساني- ذلك أن كثيرا من الناس قد بلغ بهم حب المال والتعبد له أن صاروا يعظمون صاحبه لا لفائدة يرجونها أو خير يطمعون فيه؛ بل لأنه ذو مال وذو المال في نظرهم أحق الناس بالمحبة والإخلاص والإجلال والإعظام وإن لم يحصلوا منه على طائل، فلو أنهم عبدوا الله سبحانه وتعالى بهذا النوع من العبادة ساعة واحدة لأصبحوا من عباده المقربين، فمن ذا الذي لا يحب من البخلاء أن ينال هذه المنزلة في نفوس هؤلاء