للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ارتكاب المنكرات، والنفور من الصالحات.

لو كان العلم المحفوظ علما وهو على ما نشاهد ونعلم من سوء الأثر وقلة الجدوى ما ورد مدح العلم في كتاب ولا سنة ولا قدسه كاتب أو ترنم بمدحه شاعر، فإذا سمعت ذكر العلم فاعلم أنه العلم المفهوم لا المحفوظ، وإذا أردت أن تلقب بالعالم فلا تلقب به من يحفظ بل من يفهم ما يحفظ، وآية فهم المعلوم تأثر العالم به, وظهوره في حركاته وسكناته وترقرقه في شمائله ترقرق الصهباء في وجه شاربها، ولا تثق بالحافظ فيما ينقل إليك فربما مر بالمعلوم محرقا فأخذه على علاته، وأقبح ما عرفنا من أطواره أنه يجمع في حافظته بين النقيض ونقيضه، والغث والثمين، والجيد والزائف, فكأن ذاكرته حانوت عطار اختلطت فيها الأدوية الشافية بالعقاقير السامة.

وجملة الأمر أن الحافظ البحت لا رأي له في مبحث فيسأل عن مذهب، ولا أثر لمعلوماته في نفسه فيقتدى به، ولا ذوق له في الفهم فيعتمد على شرحه وتأويله.

أما العلم المفهوم فهو الواسطة التي إذا جمع المتعلم بينها وبين علو الهمة طار إلى المجد بجناحين، وكان له سبيل مختصر إلى منزلة العظماء ودرجة النابغين، والعلم سلسلة طويلة طرفاها في يدي آدم

<<  <  ج: ص:  >  >>