بها على أوتار القلوب، وكأنما كان بينه وبينها سلك كهربائي, فهي تتحرك بحركته وتسكن بسكونه.
ما كان مصطفى كامل أذكى الناس ولا أعلم الناس ولا أعقل الناس, ولكنه كان أشجع الناس.
كان يفكر فيقتنع فيصمم فيمضي, فلا ينثني حتى الموت.
كان يخطئ أحيانا في اتخاذ الوسائل إلى آماله، ولكنه ما كان يتمهل كثيرا ليتبين أي طريق يأخذ, ولا أي مسلك يسلك مخافة أن تفتر همته بين الأخذ والرد, فيكون خطؤه في قعوده أكثر من خطئه في جهاده.
كان له منافسون يرمونه بالخفة والطيش، ويقولون له: إنك مخطئ أو مضر أو غير محسن أو غير عظيم، فما كان يصدق من ذلك شيئا، كأنما كان ينظر بعين الغيب إلى هذا اليوم الذي اتفق فيه أصدقاؤه وأعداؤه, وخصومه وأولياؤه أنه رجل عظيم.
ما كان مصطفى كامل من الأغنياء ولا من بيت الملك، وما كان آمرا ولا ناهيا، ولا رافعا ولا خافضا، ولكنه لقي من إجلال الناس لموته وإعظامهم لمصيبته ما لم يلق واحد من هؤلاء، ولا فضل لهم في ذلك عليه، فهو الذي علمهم كيف يحترمون العقول ويجلون المناقب والمزايا.