للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدين المسيحيون بآلهة ثلاثة, ولكنهم كأنهم يشعرون بغرابة هذا التعدد وبعده عن العقل, فيجملون فيه يقولون: إن الثلاثة في حكم الواحد، أما المسلمون فيدينون بآلاف من الآلهة أكثرها جذوع أشجار وجثث أموات وقطع أحجار من حيث لا يشعرون.

كثيرا ما يضمر الإنسان في نفسه أمرا وهو لا يشعر به، وكثيرا ما تشتمل نفسه على عقيدة وهو لا يحس باشتمال نفسه عليها، ولا أرى مثلا لذلك أقرب من المسلمين الذين يلجئون في حاجاتهم ومطالبهم إلى سكان القبور ويتضرعون إليهم تضرعهم للإله المعبود، فإذا عتب عليهم في ذلك عاتب قالوا: إنا لا نعبدهم وإنما نتوسل بهم إلى الله، كأنهم لا يشعرون أن العبادة ما هم فيه، وأن أكبر مظهر من مظاهر الإله المعبود أن يقف عباده بين يديه ضارعين إليه يلتمسون إمداده ومعونته، فهم في الحقيقة عابدون لأولئك الأموات من حيث لا يشعرون.

جاء الإسلام بعقيدة التوحيد ليرفع نفوس المسلمين ويغرس في قلوبهم الشرف والعزة والأنفة والحميّة, وليعتق رقابهم من رقِّ العبودية فلا يذل صغيرهم لكبيرهم، ولا يهاب ضعيفهم قويهم، ولا يكون لذي سلطان بينهم سلطان إلا بالحق والعدل، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>