للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ما زال الناس يعبثون بعنوان الشرف ويتوسعون في معناه حتى نظموا في سلكه الجبابرة الذين يسمونهم أمراء، والظلمة الذين يسمونهم ملوكا، والسفاحين الذين يسمونهم قوادا، واللصوص الذين يسمونهم وجهاء، فساقهم الخطأ في فهم الشرف إلى الخطأ في فهم المجد، فسموا ماجدا كل من ولد في فراش ملك وإن كان الحاكم بأمر الله، أو أمير وإن كان الحجاج، أو وزير وإن كان ابن الزيات، أو قائد وإن كان تيمورلنك، أو غني وإن كان قارون.

لا مجد إلا مجد العلم، ولا شرف إلا شرف التقوى، ولا عظمة إلا عظمة الآخذين بيد الإنسانية البائسة رحمة بها, وحنانا عليها.

أولئك هم الأمجاد، وأولئك الذين يفخر الفاخرون بالاتصال بهم والانتماء إليهم، وأولئك هم المفلحون.

الأغنياء:

لم أر بين جماعة المتسولين الذين يضربون في الأرض وراء لقمة يتبلغون بها أو خرقة يتقون بخيوطها البالية ما يتقون من لفحة الرمضاء، وهبة النكباء، ولا بين البؤساء الذين يحرقون فحمة الليل بكاء ونحيبا حول صغار كفراخ القطا يتلوَّوْن في

<<  <  ج: ص:  >  >>