يترفق في مشيته ويتنقل في الحديقة من شجرة إلى شجرة حتى وصل إلى شجرة اللقاء، فكمن وراءها ينتظر ما خبأ له الدهر من حدثانه، وما أضمر له الغيب في طياته.
لم تكن الرسالة رسالة اللقيطة الوضيعة بل رسالة السيدة الشريفة، وبينما كانت الثانية واقفة في غرفتها أمام مرآتها تختار لنفسها أجمل الأزياء وأليقها بمواقف اللقاء, كانت الأولى نائمة في غرفتها نوما هادئا مطمئنا لا تزعجه زورة الطيف ولا تروعه أحلام الشباب، حتى سمعت وقع أقدام سيدها على سلم القصر فاستيقظت, ثم رابها موقفه فأشرفت عليه من حيث لا يشعر بمكانها فعرفت كل شيء, وعلمت أن سيدها سيقف على سر ابنته الذي كانت تعالج كتمانه زمنا طويلا وأنه لا بد قاتل نفسه في ذلك الموقف حزنا ويأسا، فعناها من أمره ما عناها ثم أطرقت برأسها لحظة تتلمس وجه الحيلة في دفع هذه النازلة وتطلب المخرج منها, ثم رفعت رأسها وقد قررت في نفسها أمرا.
نزلت مسرعة من سلم القصر فرأت الفتاة قد خرجت من باب القصر إلى ذلك الموعد, فأدركتها وأمسكت بطرف ثوبها فارتاعت والتفتت إليها وقالت لها: ماذا تريدين مني؟ أتتجسسين عليَّ؟ قالت لها: لا يا سيدتي، وأفضت إليها بالقصة من مبدئها إلى