للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضروبه وتفننت في آلاته وأدواته. وكذلك كان شأن العرب في جاهليتهم ينظمون أشعارهم على نسب متوازية، فالبيت يوازن البيت في ترتيب الحركات والسكنات وتعدادها، والشطر والتفعيلة يوازنان الشطر والتفعيلة كذلك، فكأنهم كانوا يهيئون لأنفسهم بمذهبهم هذا في الشعر ألحانا موسيقية، غير أن معارفهم لم تكن تتسع لأكثر من هذا النوع من الموسيقى، وهو نوع التناسب الشعري الذي هو قطرة من بحر هذا الفن الزاخر، ثم استمر شأنهم على هذا حتى جاء الإسلام واختلطت الأمة العربية بالأمة الفارسية التي كان لها من حضارتها وتمدينها متسع للبراعة في هذا الفن والتفنن في مناحيه ومقاصده، ووفد الكثير من مغني الفرس والروم موالي في بيوت العرب, وفي أيديهم العيدان والطنابير والمعازف والمزامير يلحنون بها أشعارهم الفارسية والرومية، فسمعها منهم العرب فاقتبسوها ولحنوا بها أشعارهم تلحينا بذوا فيه أساتذتهم, وولدوا ألحانا وأنغاما لم يؤت بها من قبلهم شأنهم في جميع الفنون والصنائع التي كانوا يقتبسونها من الأمم المتمدينة المعاصرة لهم، وظهر فيهم رجال أذكياء كان لهم الفضل الباهر في تقدم الغناء واتساعه مثل ابن سريج، ومخارق، وطويس، وإبراهيم الموصلي، وابنه إسحاق، وإبراهيم بن المهدي،

<<  <  ج: ص:  >  >>