ومعبد الذي طالما ضربت به وبحسن صوته الأمثال على ألسنة فحول الشعراء كقول أبي عبادة البحتري في وصف فرس كان أهداه إليه أحد الأمراء:
هزج الصهيل كأن في نبراته ... نغمات معبد في الثقيل الأول
والثقيل والخفيف الأول والثاني أسماء اصطلح عليها العرب, ومرجعها إلى حركات الأصابع الخمسة في أوتار العود الخمسة شدة وضعفا، وما أحسن قول أبي العلاء المعري:
ولقد ذكرتك يا أميمة بعدما ... نزل الدليل إلى التراب يسوفه١
وهواك عندي كالغناء لأنه ... حسن لدي ثقيله وخفيفه
وبالرغم من غضاضة الدين وغضارته في ذلك العهد عهد الصدر الأول, وشدته في النهي عن التلهي بالغناء والعزف والزمر وأمثالها ونعيه على من يحترف بذلك أو يتخلقه, فقد كان للمغنين الشأن الرفيع في مجالس الخلفاء والأمراء والنصيب الأوفر من جوائزهم وصلاتهم، ولا غرو في ذلك، فسلطان الوجدان فوق سلطان الأديان، ولقد بلغ من شأن المغنين وإدلالهم على الخلفاء أن إسحاق الموصلي شتم إبراهيم بن المهدي في حضرة أخيه
١ ساف التراب: اشتمه، يريد أنه ذكر حبيبته في أعظم أوقات شدته, وهو وقت ضلال الركب ونزول الدليل لشتم التراب؛ ليعرف منه نوع الأرض التي يسيرون فيها.