فأطربه وأمر له بثلاثين ألف درهم وكثير من الثياب, فبينا هو يسير إذ نظر إليه رجل من أهل وادي القرى كان يشتهي الغناء, فدنا من غلامه وقال: من هذا الراكب المختال؟ قال: ابن عائشة المغني، فدنا منه وقال: جُعلت فداءك, أنت ابن عائشة أم المومنين؟ قال: لا، أنا مولى لقريش وعائشة أمي وحسبك هذا فلا تكثر، قال: وما هذا الذي بين يديك؟ قال: غنيت أمير المؤمنين صوتا فأطربته, فأمر لي بهذا المال وهذه الكسوة، قال: جعلت فداءك, هل تمنّ علي بأن تسمعني ما أسمعته ياه؟ فقال له: ويلك أمثلي يكلم بمثل هذا في الطريق! قال: فما أصنع؟ قال: الحقني إلى المنزل، يريد مخاتلته والنجاة منه، وحرك بغلة شقراء تحته لينقطع عنه, فعدا معه حتى وافيا المنزل كفرسي رهان، ودخل ابن عائشة فمكت طويلا طمعا في أن ينصرف فلم يفعل، فلما أعياه قال لغلامه: أدخله، فلما دخل قال له: من أين صبّك الله علي؟ قال: أنا رجل من أهل وادي القرى أشتهي هذا الغناء، قال له: هل لك فيما هو أنفع لك منه؟ قال: وما ذاك؟ قال: مائتا دينار وعشرة أثواب تنصرف بها إلى أهلك، فقال له: جعلت فداءك, والله إن لي لبنية ما في أذنها -علم الله- حلقة من الوَرِق١, وإن لي زوجة