وكما لا يستطيع أن يخرج عن أحكام الدين في شيء من هذا, كذلك لا يستطيع أن يخرج عنها في كيفية معاملة المخالفين له في الدين من الرأفة بهم، والعطف عليهم، والإحسان إليهم، ما داموا موالين له غير خارجين عليه، ولا مادين إليه يد سوء.
فلتنعموا أيها المسيحيون بالا، ولتثلجوا صدورا، ولتعلموا أن المسلم لا يستطيع أن يكون متعصبا ما دام متمسكا بدينه؛ لأن في تعصبه هدما لأعظم ركن من أركان الدين الذي يتعصب له.
فإن رأيتم أنه يغضب لشتم دينه أو نبيه في صحيفة تنشر في بلاده، أو يضمر في قلبه جزعا من العهد بشئون المسلمين الدينية إلى غير مسلم، فلا تقولوا: إنه متعصب، وإنما هو متمسك بدينه تمسككم بدينكم، ولا تطلبوا عنده أكثر مما تطلبون عند أنفسكم، وارحموه ولا تعذبوه بإدماء قلبه، وإحراج صدره، فإنه يرحمكم ولا يعذبكم.
وإن خيل إليكم أن في المسلمين متعصبين, فاعلموا أنهم متعصبو أقوال لا متعصبو أفعال، أي: إنهم يبغضون المسيحيين ولا يقاطعونهم، ويدعون عليهم بالهلاك ولا يمدون إليهم يد سوء، ويسيئون الظن بهم وهم يستعينون بهم في جميع أعمالهم سرها وجهرها، ويتمنون لهم الخسران وهم يحمونهم مما يحمون منه