أنفسهم وأولادهم، فهذا التعصب -لو تبينتم- مظهر من مظاهر الحماقة والبله لا أثر له في نفوسهم، ولا علاقة بينه وبين تدينهم، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يشبه تعصب المعروفين بالتعصب من المسيحيين الذين يضمرون للمسلمين في قلوبهم ما تصمت عنه ألسنتهم، وتنطق به أعمالهم، فترى الواحد منهم لا يبتاع حاجته إلا من المسيحي إن كان مشتريا، ولا يستعين على عمله إلا بالمسيحي إن كان تاجرا أو صانعا، ولا يوظف إلا المسيحي إن كان رئيسا في مصلحة، ولا يهتم إلا بالدفاع عن المسيحي إن كان محاميا، ولا يرحم إلا المسيحي إن كان قاضيا.
إن المسيحي الذي يقول للمسلم: أنت متعصب قبل أن يرى في سيماء وجهه أثر العداوة والبغضاء له وإرادة الايقاع به, لا يريد بكلمته هذه مصاحبته برأيه فيه، بل خديعته عن دينه والهجوم على قلبه، والتمكن من مجالسته على مائدة واحدة تختلط فيها الأيدي والأفواه، ويخطئ فيها العد ويضيع الحساب، فيتناول منها ما لذ وحلا ويترك له ما مر وتفه، ولقد بلغ منه في كثير من الأحيان الغرض الذي أراده فخدع كثير من المسلمين عن دينهم، ونالت تلك المكيدة المدبرة من نفوسهم، وعظم عليهم أن يسموا متعصبين وكانوا لا يدركون فرق ما بين التمسك والتعصب, فتهاونوا في أمر