يعود به إلى أهله فرحا مغتبطا، وأحسب أن العقول العشرة مجتمعة ومتفرقة تعجز عن إدراك سر هذه العقيدة ومثارها.
إن كان يؤمل الربح لأنه رأى عن يمينه رجلا قد ربح فلم لا يخاف الخسران لأنه رأى عن يساره مائة خاسرين؟ وإن كان يضحكه منظر الربح لأنه رأى في بعض مواقفه أحد الرابحين مبتسما, فلم لا يبكيه منظر أصدقائه ورفقائه الخاسرين وهم يتساقطون حواليه تساقط جنود الحرب بين يدي القذائف؟
ما أشبه المقامر الذي يطلب من الدينار الواحد مائة بالكيماوي الذي يطلب من القصدير فضة ومن النحاس ذهبا، كلاهما يتاجر بالأحلام في سوق الأوهام، فيربح ربحا مقلوبا، ويكسب كسبا معكوسا، وما أشبههما جميعا بذلك الرجل الذي علم أن في صحراء من صحارى إفريقيا كنزا دفينا لا تعرف له بقعة وليس عليه دليل, فحمل فأسه على كتفه ومشى في تلك الصحراء يحفر الحفرة التي تستنفد قوته وتستهلك منته، وتبلغ من نفسه ما لا يبلغ منها كر الغداة ومر العشي حتى إذا بلغ مستقرها وعلم أنه لم يعثر بضالته تركها وبدأ يحفر غيرها بجانبها, فلا يكون نصيبه من الأخرى أوفر من نصيبه من الأولى, وهكذا حتى أدركه الموت وهو في بعض تلك الحفر فكان هو نفسه الكنز الدفين