للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يزوجه منها لولا أن له في ذلك مأربا من المآرب الفاسدة, فما كادت تخلع العروس خلعة عرسها حتى أنشأ يختلف إليها ويكثر ازديارها في الجناح الذي تسكنه من القصر بما له عليها من حق الولاية والرعاية والنظر في شئونها ومرافقها، ثم ما زال يختلها عن نفسها ويزين لها ما يزينه الشيطان للإنسان حتى علقت بحبالته كما علق بها غيرها من قبلها, ففركت زوجها وبرمت به فرابه من أمرها ما رابه, فرصدها حتى عرف موطن سرها وموقع هواها فشكا فلم يجد سامعا, ثم بكى فلم يجد راحما, فكان يقضي كثيرا من لياليه في غرفة من غرف القصر واجما مطرقا مسلما رأسه إلى ركبتيه ودمعه إلى خديه, لا سمير له ولا مؤنس إلا نغمات الضحكات التي كان يسمعها في غرفة زوجته, فتارة يثب وثبة الأسد فيثير في القصر ثائرة شعواء تضج لها جوانبه, فيتسارع إليه الخدم فيضربون على يده وفمه بأمر سيدهم, وأخرى يعود إليه بلهه فينظر إلى هذه المناظر المؤلمة نظر الضاحك اللاعب.

مرت على تلك الحوادث سنوات عديدة استأثر فيها ذلك الوصي بتلك الدائرة الواسعة, وألح عليها بكلكله حتى اجتز وبرها, ثم استكشط جلدها فلم يبق منها إلا هيكل العظام, وعلم أن قد قامت قيامة الناس عليه وأن قصته مع زوجة الغلام وماله قد

<<  <  ج: ص:  >  >>