للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحزانها إلا إذا جلس إلى مكتبه وأمسك بيراعه, فطار به خياله بين الأزهار والأنوار، وتنقل به بين مسارح الأفلاك ومسابح الأسماك، ووقف به تارة على الطلول الدوارس يبكي أهلها النازحين وقطانها المفارقين، وأخرى على القبور الدوائر يندب جسومها الباليات، وأعظمها النخرات.

ليس الأمل إلا بابا من أبواب الحياة الشعرية, ولا يمكن أن يوجد بين قلوب البشر قلب لا يخفق بالآمال، فالأمل هو الحياة الشعرية العامة التي يشترك في العيش فيها جميع الناس أذكياء وأغبياء، فهماء وبلداء، والأمل هو السد المنيع الذي يعترض في سبيل اليأس ويقف دونه أن يتسرب إلى القلوب، ولو تسرب إليها لزهد الناس العيش في هذه الحياة الحسية التي لا قيمة لها في أنظارهم, ولا لذة لها في نفوسهم, ولطلبوا الفرار منها إلى الموت تسليا بالتغير والانتقال، وتلذذا بالتحول من حال إلى حال.

يقولون: أشقى الناس في هذه الحياة العقلاء, ويقولون: ما لذة العيش إلا للمجانين.

أتدري لماذا؟

لأن نصيب الأولين من الحياة الشعرية أضعف من نصيب

<<  <  ج: ص:  >  >>