للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمقاتلة الحق ومصارعته في أيام خوفه, وقلقه.

وقلت للجبار الروسي: ليس من العدل أن تملك وحدك وأنت نائم في سريرك في قصرك بين روضك ونسيمك، وظلك ومائك، هذه الأرض التي تضم بين أطرافها مليون فدان، ولا يملك واحد من هؤلاء الملايين الذين يحرثونها ويبذرون بذورها ويستنبتون نباتها، ويربون ماشيتها، ويتقلبون بين حرها وبردها، وأجيجها وثلجها، شبرا واحدا فيها، فاعرف لهم حقهم وأحسن القسمة بينك وبينهم وأشعر قلبك الخجل من منظر شقائهم في سبيل سعادتك، وموتهم في سبيل حياتك، واعلم أن الأرض لله يورثها من يشاء، ثم لم تقنع بما بذلت له من العظة والنصيحة حتى ضربت له مثلا من نفسك, فعمدت إلى أرضك فجعلتها قسمة بينك وبين القائمين عليها من الزارعين، ثم عمدت إلى فأسك فاعتقلتها وماشيتك فأخذت بزمامها, وما زلت حتى بلغت مزرعتك الصغيرة التي استبقيتها لنفسك فضربت مع الضاربين, وخضت مع الخائضين لتعلم ذلك الجبار بيدك ما عجزت عنه بلسانك، فسخر منك ورثى لعقلك وألف من حادثتك رواية غريبة يروح بها عن قلبه في مجتمعات أنسه ولهوه ما يكابده من ألم السآمة والضجر

<<  <  ج: ص:  >  >>