للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلت للكاهن: إن المسيح عاش معذبا مضطهدا؛ لأنه لم يرض أن يقر الظالمين على ظلمهم وأبى أن يخفي ذلك المصباح الذي في يده تحت ثوبه, بل رفعه فوق رأسه غير مبالٍ بنقمة الملوك على ذلك النور الذي يكشف سوءتهم، ويهتك سترهم، وأنت تزعم أنك خليفته وحامل أمانته والقائم بنشر آياته وكلماته والمترسم مواقع أقدامه في خطواته، فما هذه الجلسة الذليلة التي أراك تجلسها تحت عروش الظالمين، وما هذه اليد التي تضعها في أيديهم كأنك تأخذ عليهم العهود والمواثيق أن يقتلوا ويسلبوا باسمك وفي حمايتك وحماية الكتاب المقدس، وما هذه السلطة التي تزعمها لنفسك أن تدخل الجنة من تشاء وتخرج منها من تشاء، وما هذه القصور التي تسكنها والديباج الذي تلبسه والعيش البارد الذي تنعم به وأنت الراهب المتبتل الذي كتب على نفسه الانقطاع عن زخرف الدنيا, ونعيمها إلى عبادة الله والانكماش في طاعته.

ذلك ما قلت للكاهن, فكان جوابه أن أرسل إليك كتاب الحرمان وهو يعلم أنك لا تعترف له بالقدرة على إعطاء أو منع, ولكنه أراد تشويه سمعتك والغض منك وإغراء العامة بك وصرف القلوب عنك, فكان ذلك كل ما استفدت من نصيحتك وعظتك

<<  <  ج: ص:  >  >>