للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرتبة البيان ولا يصل إلى منزلة القدرة على الإفصاح عن أغراضه ومراميه في جميع مواقفه ومذاهبه حتى يأخذ بأزمَّة القول جميعها ويشتمل على أساليب الكلام بأنواعه, ويعلم أن الكتابة في العلم غير الكتابة في الأدب, وأن للخطب أسلوبا غير أسلوب الكتب, وأن لكل نوع من أنواع العلوم والفنون طريقا في الكتابة خاصا به لا يفارقه إلى غيره ولا يشركه فيه سواء, وأن الانتقاد غير الهجاء والهجاء غير التهكم والتهكم غير التأنيب والتأنيب غير الإنذار والتهديد، وأما المعاصرون فهم إما تابع متأثر يعتمد في اختيار ما يختار على نباهة النابه وفي اطراح ما يطرح على خمول الخامل, ويعتبر التقدم في الزمن شافعا يشفع في إساءة المسيء والتأخر فيه ذنبا يذهب بإحسان المحسن، وإما خابط متقمم يعتمد في الاختيار على يده لا على بصره, فيأخذ من كل كتاب صفحة ومن كل ديوان ورقة ثم يعرض على الأنظار كتابا غريبا في اختلاف ألوانه وتزايل أوصاله, جامعا بين معلقة امرئ القيس وألفية ابن مالك في مكان وبين مقامات البديع ومقامات السيوطي في مكان آخر، وإما عالم أديب قد حال بينه وبين انتفاع المتأدبين بعلمه وفضله وسلامة ذوقه وصفاء قريحته أنه يبالغ في سوء الظن بأفهامهم, ويذهب في تقدير مداركهم مذاهب ما كان

<<  <  ج: ص:  >  >>