للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مكاني فرفع رأسه فأدهشني من منظره اصفرار وجهه وذبول عينيه, وما كان يغشى جبينه من دخان تلك النار التي تشتعل بين جوانحه, ثم نظر إلي نظرة طويلة لا عهد لي بمثلها من قبل, ثم قال بصوت خافت مضطرب:

أتعتقد أن الله موجود؟

فقلت: نعم، معالجا نفسي على كتمان ما كاد يذهب بلبي من تنكر حاله وغرابة أمره.

فقال: وتعتقد أنه عادل؟

قلت: نعم.

قال: وراحم؟

قلت: نعم.

فبسط يده إليَّ فعل الضارع المستصرخ وقال:

هل لك أن تحدثني أيها الصديق عن نزول الصواعق وثورة البراكين وطغيان البحور وغرق السفن وانتشار الأوباء وفتك الأدواء ونكبات الفقر والجوع وتلك العيون التي لا تزال منهلة بالبكاء، والضلوع التي لا تزال ملتهبة بالآلام والأحزان؟ هل تعتقد أن ذلك كله عدل من الله ورحمة؟

قلت: نعم, إن الله يمتحن عباده ليعلم الذين صبروا فيدخر لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>