للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في دار نعيمه من المثوبة والأجر أضعاف ما كانوا يقدرون لأنفسهم من سعادة الحياة وهنائها.

قال: إن الله أكرم من أن يجعل الشر طريقا إلى الخير, وأن لا يحسن إلا بعد أن يسلف الإساءة.

قلت: ذلك ما كتب على نفسه أن يجازى كل عامل بعمله, إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

قال: إنه قد كتب على نفسه الرحمة.

قلت: نعم, إنه أكرم الكرماء وأرحم الرحماء.

قال: حدثني إذًا عن الولد الصغير الذي لم يخالط نفسه شر ولم يتسرب إلى قلبه كيد، ما لي أراه مفترشا حجر أمه وقد تولى الليل إلا أقله يتقلب على مثل شوك القتاد من الآلام التي تساوره, فيثب تارة ويضطرب أخرى ويصرخ صرخات تستمطر المدامع وتحول بين الجنوب ومضاجعها؟ وما لي أرى أمه باكية مولهة مقرحة الجفون منحلة الشعور موجعة القلب, تفزع لفزعاته وتصرخ لصرخاته, وقد اختبل عقلها واضطرب أمرها وعظم يأسها وفنيت حيلتها وقل مساعدها وضعف ناصرها, فأنشأت تقلب وجهها في السماء ضارعة إلى الله تعالى أن يأخذ بيدها ويرحم نفسها برحمة ولدها، وبينا هي تنتظر صوت الإجابة يرن في أفق

<<  <  ج: ص:  >  >>