للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كنا في المنزل الذي أردناه وقد أظل الليل بجناحيه فقضينا واجب التحية والسلام, ثم خلا الصديق بصديقه خلوة طويلة لا أعلم ما دار فيها بينهما ثم خرجا إلي فجلسنا ساعة نتحدث ثم قمنا إلى فراشنا فنمت نوما متقطعا مملوءا بالوساوس والهواجس, فما انتصف الليل حتى شعرت أن صديقي يتحرك في فراشه وينظر إلي ليعلم أنائم أنا أم مستيقظ, فتناومت حتى رأيته قد قام من مكانه يختلس الخطا حتى وصل إلى مشجب الملابس فلبس أثوابه ثم خرج من الغرفة, فخفق قلبي خفقة الرعب والفزع وقلت: لا بد أن الرجل يريد بنفسه شرا، وإني أكون ألأم صديق إن أنا تركته وشأنه، فقمت على أثره أترسم خطواته وأتتبع مخرجه ومدخله من مدرجة إلى أخرى حتى بلغ ضاحية البلد ثم استمر في شأنه حتى أطل على مقبرة واسعة قد جثمت قبورها في أرجائها جثوم الآبال في مرابعها, فوقف هنيهة ثم مشى فمشيت على أثره من حيث لا يشعر بمكاني منه ثم أنشأ يتصفح القبور قبرا قبرا فخيل لي أنه شبح من أشباح الموتى يتنقل في أرجاء تلك المقبرة, فملكني من الخوف والرعب ما كاد يحل عقدة لساني لولا إجلالي هذا الموقف المرهب, وشعوري أنني واقف على

<<  <  ج: ص:  >  >>