للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وضقت ذرعا بأمرها, إنك بعبادك رءوف رحيم.

وما أتم كلمته هذه حتى سقط على صفائح القبر مكبا على وجهه, فعلمت أن المرجل قد انفجر وأن الله قد اجتبى هذا الرجل لنفسه واختار له ما عنده, فصرخت صرخة كانت ثانية لصرخة أخرى بجانبي, فالتفت فإذا صديقه واقف ورائي فدنونا منه معا وحركناه فإذا هو ميت، فنقلناه إلى المنزل وبتنا حول سريره نقضي حق صحبته تارة بالدموع وأخرى بالخشوع، وهنالك قص علي صديقه قصته وكشف لي عن ذلك السر الذي كان يكتمه عني؛ فحدثني أنه قضى زمنا طويلا يشكو إليه ما يجد في نفسه من البغضاء لزوجته التي زوجه أبوه منها على الرغم منه فخفت عليه التلف حزنا وكمدا, فزوجته منذ عشر سنين بأختي سرا من حيث لا يعلم أبوه؛ لأنه كان يخاف غضبه ولا زوجته؛ لأنه كان يرحمها، فكان يزورها في كل شهر مرة أو مرتين حتى ماتت تلك الأخت رحمة الله عليها وتركت له هذه الفتاة, فما زال يزورها كما كان يزور أمها ويعزي بالثانية نفسه عن الأولى، فشغف بها شغفا بلغ به حد الجنون, وكان كثيرا ما يقول لي: إني أشعر أن حياتينا حياة واحدة وأنا إما أن نعيش معا أو نموت معا، وكأنه أُلهم بما سيكون, فحمت الفتاة منذ ستة أيام فما نشبت أن هصر

<<  <  ج: ص:  >  >>