نفسه, فلا هو بصابر إن رام صبرا, ولا بناجٍ إن أراد نجاء.
وإن سمع قول الآخر:
وا رحمتا للغريب في البلد النا ... زح ماذا بنفسه صنعا
فارق أحبابه فما انتفعوا ... بالعيش من بعده ولا انتفعا
هملت عيناه وجدا على ذلك الغريب الحائر, وتمنى أن لو رآه في بعض مذاهبه وعطف عليه وآنس وحشته، وخفّض لوعته، ثم أخذ بيده فأنزله من نفسه منزلا كريما وأبدله أهلا بأهل وجيرانا بجيران.
وإن سمع قول الآخر:
وإن الذي بيني وبين بني أبي ... وبين بني عمي لمختلف جدا
فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم ... وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
وإن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم ... وإن هم هووا غيي هويت لهم رشدا
وإن زجروا طيرا بنحس تمر بي ... زجرت لهم طيرا تمر بهم سعدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم ... وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
لهم جل مالي إن تتابع لي غنى ... وإن قل مالي لم أكلفهم رفدا
وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا ... وما شيمة لي غيرها تشبه العبدا
أكبر تلك المكرمة العظيمة وأجلها ونظر إليها في علياء سمائها كما ينظر الفلكي إلى كوكبه, وشعر كأن نورها قد لمع فامتد