ولا غرو أن يبلغ الشعر من نفسه هذا المبلغ, فلطالما كان للشعر السلطان الأكبر على النفوس العظيمة فقد نكب الرشيد البرامكة عندما دس له أعداؤهم ذلك المغني الذي غناه هذا الصوت:
ليت هندا أنجزتنا ما تعد ... وشفت أنفسنا مما تجد
واستبدت مرة واحدة ... إنما العاجز من لا يستبد
وأمر السفاح بقتل وجوه بني أمية بعدما قربهم وأدناهم عندما دخل عليه سديف مولاه, وأغراه بهم في قوله:
لا تقيلن عبد شمس عثارا ... واقطعن كل رقلة١ وغراس
أنزلوها بحيث أنزلها اللـ ... ـه بدار الهوان والاتعاس
خوفهم أظهر التودد فيهم ... وبهم منكم كحز المواسي
أقصهم أيها الخليفة واحسم ... عنك بالسيف شأفة الأرجاس
فلقد ساءني وساء سوائي ... قربهم من نمارق وكراسي
بل عطف عمر بن الخطاب على الحطيئة, وأطلقه من سجنه حين سمعه يقول:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... حمر الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر