للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم عدت إلى نفسي فنشرتها للمرة الثانية, وأعدت قراءتها فرأيت قلب العاشق مرسوما فيها رسما صحيحا في حالي سعادته وشقائه، وها أنا أنشرها في الناس لتكون عبرة يعتبر بها المخاطرون بقلوبهم في هذا السبيل, سبيل الحب القاتل.

١- رأيتها فأحببتها وما كنت أعرف الحب من قبلها.

كان قلبي في ظلام حالك لا يرى حتى نفسه, فلما أشرق فيه الحب أشرقت فيه شمس ساطعة منيرة لها من الشمس نورها وجمالها, وليس لها منها حرارتها ولذعاتها.

كنت أشعر كأن قلبي في صحراء هذه الحياة وحيد موحش لا يعرف القلوب أو يعرفها ثم ينكرها، فلما أحببت رأيت بجانب قلبي قلبا لاصقا به يخفق لخفقانه, ويتحرك بحركته فكنت أجد بين جوانحي من السرور والهناء, واللذة والاغتباط ما لو قسم على القلوب جميعها ما خالطها حزن ولا مسَّها ألم.

كنت أسمع باسم السعادة, ولا أفهم معناها غير أني كنت أسمعهم إذا ذكروها ذكروا بجانبها القصر والحديقة والفضة والذهب والسلطة والجاه والشهرة والصيت، فلما أحببت اعتقدت ألا سعادة غير الحب, وأيقنت أن الناس جميعا يطلبون سعادة

<<  <  ج: ص:  >  >>