الأجسام لا سعادة الأرواح، فمثلهم كمثل الدفين المكفّن بالحرير والديباج, وباطنه مسرح الدود ومرتع الهوام والحشرات.
٢- أحببتها قبل أن أعرفها, أو أعرف شأنا من شئونها سوى أنها تحبني فكأني ما منحتها قلبي إلا لأنها منحتني قلبها وهو ثمن قليل في جانب هذه المنحة الغالية التي ما كنت أحدث نفسي بها, ولا كانت تستطيع أن تمثلها في عيني خواطر الأماني, ولا سوانح الأحلام.
عشتُ دهرا طويلا بين أقوام لا يعنيهم أمري ولا يهمهم شأني, وذقت من آلام الحياة وشقاء العيش ما لا يستطيع أن يتحمله بشر, فسمعت من يسألني: كيف حالك ومن يقول لي: ما أشد جزعي لمصابك ومن يتباكى رحمة بي وحنانا علي, ولكن لم أر بجانبي عينا تدمع ولا قلبا يخفق.
رأيت من يحب جمالي كما يحب تمثالا متقن الصنع, ورأيت من يحب مالي كما يحبه في كيسه أو خزانته, ورأيت من يعجب بحديثي كما يعجب برواية بديعة, ولكن لم أر في حياتي من يحبني.
أما اليوم, فقد وجدت بجانبي القلب الذي يخفق لأجلي, والعين التي تدمع علي, والنفس التي تحبني لا لشيء سواي، فقليل لها