للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- الآن عرفت مبلغ عظتها وفضل هدايتها ومقدار ما يبلغه الحب الشريف من النفس، فها أنا أشعر كأن نفسي المرآة التي يغشاها الصدأ, وكأن الحب صيقل يصقلها فيجلو صفحتها شيئا فشيئا.

كنت أحمل بين جوانحي لأعدائي ضغنا وحقدا, فأصبحت لا أشعر بما كنت أشعر به من قبل؛ لأن الحب ملك علي قلبي, واستخلصه لنفسه فلم يترك فيه مجالا لشيء سواه.

كنت ضيق الصدر إن مسني ضر سريع الغضب, إن فاتني مأرب فأصبحت فسيح رقعة الحلم لا يستفزني غضب ولا يحرجني محرج؛ لأني قنعت بسعادة الحب فأغفلت بجانبها جميع أنواع السعادة.

كنت شديد القسوة متحجر القلب, لا أعطف على بائس ولا أحنو على ضعيف, فأصبحت أشعر بالمصيبة أراها تصيب غيري وأتألم لبؤس البائسين وحزن المحزونين؛ لأن الحب أشرق في قلبي فملأه نورا, فارتفع ذلك الستار الذي كان مسبلا بينه وبين القلوب.

وبالجملة كنت وحشا ضاريا أعيا العالمين رياضته, فصرت بين يدي الحب الشريف إنسانا شريفا, وملكا كريما.

<<  <  ج: ص:  >  >>