للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- خرجت بها الليلة إلى شاطئ النهر وكان الماء رائقا والسماء صافية, وفي كل منهما نجوم وكواكب تتلألأ في صفحته, فاختلط علينا الأمر حتى ما نفرق بين الأصل والمرآة, ولا ندري أين مكان الماء من مكان السماء.

فمشينا طويلا لا يكلم أحدنا صاحبه كأن سكون الليل سرى إلى أفئدتنا, وملأ ما بين جوانحنا فأمسكنا عن الحديث هيبة وإجلالا.

وكنت أشعر في تلك الساعة بخفة في جسمي, وصفاء في نفسي حتى كان يخيل إلي أني لو شئت أن أطير عن وجه الأرض لطرت بغير جناح, وأني أستطيع أن أخترق بنظري حجاب السماء وأنفذ إلى الملأ الأعلى, فأرى هنالك ما هو محجوب عن نظر الناس أجمعين، وحتى صرت أتمنى أن يضل النجم سبيله فلا يهتدي إلى أفقه, وأن يتلفع الليل بردائه فلا يعثر به فجره, وأن تستمر مشيتنا هذه ما ضل النجم وما دام الظلام.

فالتفت إليها وسألتها: هل تشعر بالسعادة التي أشعر بها؟ قالت: لا؛ لأني أعرف من شئون الأيام وأطوارها غير

<<  <  ج: ص:  >  >>