للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تعرف، ولأني لا أنظر إلى الدنيا بالعين التي تنظر بها إليها.

أنت سعيد بالأمل, وأنا شقية بالحقيقة الواقعة.

إنك سعيد لأنك تظن أن سعادتك دائمة لا انقطاع لها، وأنا شقية لأني أتوقع في كل ساعة زوالها وفناءها.

إن استطعت أن تقف الشمس في كبد السماء, وأن تحول بين الأرض ودورانها, وأن تمنع الساكن أن يتحرك والمتحرك أن يسكن فاضمن لنفسك استمرار السعادة وبقاءها.

وهنا أمسكت عن الكلام وأطرقت برأسها طويلا, فرأيت مدامعها تنحدر من مقلتيها كأن عقدا وهي سلكه, فانتثرت حباته فبكيت لبكائها وقلت: لم تبكين؟ قالت: من خوف الفراق، قلت: فراق الحياة أو فراق الممات؟ قالت: لا أريد فراق الحياة, فليس في هذه الكائنات من ناطقها وصامتها ما يمنعني من الوصول إليك ما دام يجمعني وإياك عالم واحد، أنا لا أخاف إلا فراق الموت، قلت: هل لكِ أن نتعاهد أن نعيش معا ونموت معا؟ فتعاهدنا ثم عدنا على أعقابنا والليل يشمر أذياله للفرار من وجه النهار، ثم افترقنا على ميعاد وذهب كل منا لسبيله.

<<  <  ج: ص:  >  >>