للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦- ألا يستطيع هذا الدهر الغادر أن ينام ساعة واحدة عن هذا الإنسان؟

ألا يستطيع أن يسقيه كأسا لا يخالطها كدر, ولا يمازجها شقاء؟

ألا يستطيع أن يمنعه السعادة ما دام يمنحها اليوم ليسلبها غدا؟

إن الإنسان لا يعجز عن احتمال الشقاء الدائم, ولكنه يعجز عن احتمال السعادة المسلوبة.

يقولون: إن الأمل حياة الإنسان وما يقتل الإنسان إلا الأمل, فليتني ما سعدت لأنني ما شقيت إلا بسعادتي، وليتني ما أملت لأن اليأس القاتل ما جاء إلا من طريق الأمل الباطل.

ماتت الفتاة التي كانت شمس حياتي وأشعة آمالي وينبوع سعادتي وهنائي.

ماتت الفتاة التي كانت ملء الدنيا جمالا وبهاء, فمات بموتها كل حي في هذا الوجود.

أرى الأرض غير الأرض والسماء غير السماء, وأرى الطير صامتة لا تغرد والغصون ساكنة لا تتحرك, وأرى النجوم آفلة والزهور ذابلة والطبيعة واجمة حزينة لا يفتر ثغرها ولا يتلألأ جمالها, وأرى الدنيا كأنها عادت إلى عصرها الأول لا يسكنها

<<  <  ج: ص:  >  >>