قرش لجمعية من جمعيات التأليف والنشر في كل عام، وتراه ينفق في العام على مسح نعاله عشرة دنانير ولا ينفق واحدا منها على مجموعة ثمينة مؤلفة من كتاب "التربية الاستقلالية" و"روح الاجتماع" و"البؤساء" و"سر تقدم الإنجليز" و"تحرير المرأة" و"عيسى بن هشام".
إني أتمنى على الله الغنى لا لأني في حاجة إلى المال فقد رزقني الله منه ما لا يعنيني أن أطلب لنفسي من بعده مزيدا، بل لأجمع خمسة من كتّاب هذه الأمة وخمسة من شعرائها وعشرة من علمائها في منزل واحد وأسبغ عليهم وعلى عيالهم من نعمة العيش ونعمة المال ما تثلج به صدورهم وتطمئن به نفوسهم، ثم أقول لهم: دونكم هذه الأمة, فاكتبوا لها من الرسائل وانظموا لها من القريض وألفوا لها من الكتب ما تعلمون أنه يأخذ بضبعيها ويطير بها من قرارة الجهل إلى سماء العلم، وكونوا فيما تأخذون به أنفسكم أحرارا غير مقيدين، وطلقاء غير مأسورين، لا يزعجكم عن مكانكم مزعج، ولا يكدر صفاءكم مكدر، ولا يعجلكم عن أمركم معجل، ولا يصدنكم عن سبيلكم خوف من كساد بضاعتكم، أو حذر من هياج الجاهلين عليكم، ثم أعمد إلى نفثات أقلامهم فأنثرها على رءوس الناس نثرا من حيث لا أبتغي لها ثمنا وأطلب عليها أجرا غير ذلك الأجر الذي يدخره الله في دار جزائه لعباده الصالحين.