للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ربما تقول: إن الصحافة في مصر تملك زمام الرأي العام, فكيف تعجز عن حبس تياره وكسر شرته وقيادته إلى رشده وهداه؟

والجواب على ذلك أن الصحافة المصرية ناقصة نقصا كبيرا, مشتملة على عيوب ورذائل لو تجردت منها لبلغت الغاية التي تريدها من تعليم الشعب وتهذيبه وتقويم المعوج من ميوله ومذاهبه.

الكتاب في مصر ثلاثة: جاهل لا يميز بين ما ينفع أمته وما يضرها، وعاقل يهاب مصادرة الرأي العام في مألوفاته ومعهوداته، فيسكت مغلوبا على أمره، ومنافق يعرف الحقيقة ويعبث بها، فمن أي واحد من هؤلاء الثلاثة تستفيد الأمة رشدها وهداها؟!

وأكبر هؤلاء الثلاثة جرما، وأشدهم ضررا، وأسوؤهم أثرا، ذلك الكاتب المنافق الذي هو أشبه شيء بالنائحة التي تسدل على وجهها نقابا تتباكى من ورائه لتستبكي اللواتي يردن البكاء من النساء، وما في جفنها -يعلم الله- قطرة من الدمع، ولا في قلبها لاعج من الحزن، ولكن هكذا قدر لها أن يجري رزقها من بين العبرات والزفرات، وإن شئت فقل: إنه كشاعر القهوات يسرد على السامعين قصص الوقائع والحروب بين الأبطال الخياليين حتى يثير عواطفهم، ويهيج أحقادهم، فإذا قسمهم على أنفسهم وضرب

<<  <  ج: ص:  >  >>