بعضهم ببعض خلص من بينهم إلى منزله فرحا مغتبطا برنين الدراهم في كيسه, وقد ترك وراءه أولئك البسطاء أسرى الهموم والأحزان، قتلى الضغائن والأحقاد.
الكاتب العاقل يخدم عواطف الأمة بتنميتها وتهذيبها وتحويل تيارها إلى الخطة المثلى، أما الكاتب المنافق فإنه يستخدمها لنفسه وإن أفسدها على أصحابها.
ولقد دخلت مرة على بعض الكتاب فعتبت عليه أنه يكتب غير ما يعتقد ويقول غير ما يعلم، وقلت: إن خطتك هذه مضرة بالأمة التي أنت أحد قادتها، وإنك قد سلكت في مذهبك هذا سبيلا ما كنا نعرفه لك قبل اليوم، فقد عهدناك تصدع بالحق لا تبالي أغضب الناس أم رضوا، وتجهر به وإن لم تجد أذنا واعية أو صدرا رحيبا، فأطرق طويلا ثم رفع رأسه وأحسب أني رأيت قطرة من الدمع تترقرق في عينيه وقال: والله ما سلكت هذا السبيل وأنا أعلم أن فيه رضى الله أو رضى الحق, ولكني امرؤ لا أعرف لنفسي صناعة غير صناعة القلم, قبحها الله وقبح كل ما تأتي به, وكنت أحسبني أستطيع أن أجمع فيها بين شرف النفس ورغد العيش فخاب ما أملت، إذ رأيت نفسي كسفينة ماخرة في بحر زاخر من شعب قاصر يطلب مني ما يلذه لا ما يفيده، ويتقاضاني