وذلك ألماني بخيلائه وكبريائه، وجميعهم متفرنجون مشربا ومذهبا, ومطعما وملبسا ومسكنا, وما فيهم من تفرنج همة وعملا.
خرجوا من المدارس بلا دين ولا وطن، أما الدين فلأن أكثر مدارسنا حتى الأهلية منها مادية محضة, لا تعلق للدين بشأن من شئونها، والدين خُلق شأنه كبقية الأخلاق لا يرسخ في النفس إلا بتكرر الصور الدينية وتداولها عليه عهدا طويلا، فإن بعد عهدها به أغفلته وأنكرته، وكذلك كان شأن هؤلاء الأولاد المساكين؛ فقست قلوبهم وجمدت نفوسهم وفقدوا بفقد دينهم أطيب عزاء يستروحه الإنسان في هذه الحياة المملوءة بالمصائب الحافلة بالكوارث, والهموم.
والإنسان مهما طال حوله وكثر طوله, واتسعت مذاهب قوته فليس ببالغ من هذا الدهر المعاند ما يريد لولا زهرة الأمل التي يتعهدها الدين بالسقيا في قلب المؤمن, فيستروح منها ما يروح عن قلبه ويسري عن نفسه, ويقينه أن هناك حولا أكبر من حوله، وطولا أعظم من طوله، وإلها قادرا يقرب إليه ما يريد مما ضاق به ذرعه، وقصرت عنه قوته.
وأما الوطن؛ فلأن المدارس عندنا تديرها من وراء ستار أيدٍ أجنبية تربي التلاميد لها لا لأوطانهم.