للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متنزه ولا يجتمعون لصلاة ولا يتصافّون في سمر ولا يتفقون في شأن من شئونهم البيتية حتى أصبح لكل منهم من المأكل والمشرب والملبس وجميع مرافق الحياة ما يطالبه به خلقه المباين خلق أخيه أو أبيه.

فأنى لهم التعاضد الذي كان لآبائهم من قبل في خوض غمرات الحياة؟ وأنى لوطنهم أن يسعد بهم بعد عجزهم عن إسعاد أنفسهم، والمنزل قوام الأمة تسعد بسعادته وتشقى بشقائه؟

وأي شأن لهذه المعلومات المتكثرة التي حشروها إلى أذهانهم؟ وهل أفادوا١ بها إلا هذرا في المنطق وثرثرة في اللسان وشغلا للأذهان لا يغني عن سعادة الحياة, وهنائها فتيلا؟

ولو عقلوا لعلموا أن المخترعات الحديثة والمكتشفات الجديدة والعلوم العصرية إنما هي خدم وحاشية بين يدي السعادة، والسعادة هي اللذة الباطنية التي يحس بها الإنسان عند أداء الواجب عليه لنفسه وعشيرته ووطنه ودينه، فما لم تكن مقدمة لهذه النتيجة كان وجودها أشبه شيء بالعدم.

ولو عقلوا لعلموا أن الغربيين إنما يحفلون بجميع العلوم العصرية, حتى علوم الأخلاق والآداب والدين باعتبار أنها وسائل مادية


١ أفادوا كاستفادوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>