للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتوصل بها إلى تحصيل مرافق الحياة المحصلة لرفاهية العيش وسعادة الحال، ولا اعتبار عندهم لذواتها وأعيانها، فهم يعلمون للعمل ويخترعون للمتاجرة ويكتشفون للربح، ومن ظن غير ذلك فقد ضل ضلالا مبينا.

ولو عقلوا لعلموا أن ذلك العلم القليل الذي كان يعلمه آباؤنا ونسميه نحن جهلا وهمجية هو خير من علمنا الكثير المستفيض الذي نساجلهم به, وننعي عليهم تاريخهم من أجله؛ لأنهم كانوا بقليلهم هذا يعملون ما نعجز عنه نحن بكثيرنا.

أجل, إنهم كانوا يجهلون عدد أقسام الأرض وأن مصر في إفريقيا وسوريا في آسيا, ولكنهم كانوا يعلمون أن وطنهم حيثما حل من أقسام الأرض محبوب لديهم، وأن أبناء وطنهم إخوة لهم يسعدون معا ويشقون معا، وأن سعادتهم في استقلالهم وشقاءهم في امتداد اليد الأجنبية إليهم، وكانوا يجهلون الفرق بين المملكة والإمبراطورية والجمهورية، ولكنهم كانوا يعلمون أن صاحب الأمر فيهم كيفما كان لقبه يجب طاعته والالتفاف حوله للذود عنه وعن سلطته التي هي سلطتهم وقوتهم، وكانوا يعتقدون كثيرا من الخرافات والأوهام وأن هناك أرواحا خيرية وشرية تنفع وتضر, وكانوا يتمسحون بالمعابد والمشاهد ويذعنون لرؤساء

<<  <  ج: ص:  >  >>