للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأديان تحنثا وتعبدا، ورأيي أن دينا خرافيا وهميا خير من لا دين؛ لأن لهذه المعبودات الوهمية في نفوس المتعبدين لها سلطانا قاهرا على نفوسهم يقاوم أهواء الشر فيها, ويطهرها من كثير من الرذائل التي تعيا بها القوانين الشرعية والوضعية كالخيانة والكذب والحقد والحسد وسفك الدماء واغتيال الأموال, وغير ذلك من الشرور الإنسانية التي لا تنزجر النفس عنها ما لم يكن منها لها زاجر والتي فشت اليوم بين أكثر المتعلمين الذين أخذوا العلم مجردا عن التربية الصحيحة, كأكثر المتعلمين في مصر.

ولقد كان آباؤنا على علاتهم يعتمدون في أكثر عقودهم من بيع وشراء وهبة وقرض ورهن على صدق ألسنتهم ووفاء قلوبهم, فكان الرجل يأمن أن يقرض صاحبه الآلاف المؤلفة من الذهب بلا كتابة صك ولا شهادة شاهد، فأصبحنا نكتب الصكوك ونستشهد الشهود على الدانق والسحتوت، والويل ثم الويل لصاحب الحق إذا ضاع صكه أو أنكر شهوده وكثيرا ما يفعلون.

وجملة الحال أنهم كانوا يجهلون أكثر ما نعلم، ولكن لم يجن عليهم جهلهم أكثر مما جنى علينا علمنا، وكانوا محرومين أكثر ما ننعم به اليوم من مساكن زاخرة، ومراكب فاخرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>